للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا المخلوق الذي تكون به الحياة، وتفقد الحياة بفقده يسمى روحاً ونفساً، ولا يمنع هذا أن تطلق كل من الروح والنفس إطلاقات أخرى، يقول ابن تيمية: " لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان: فيراد بالروح الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه، ويراد بالروح البخار الخارج من تجويف القلب من سويداه الساري في العروق، وهو الذي تسميه الأطباء الروح، ويسمى الروح الحيواني، فهذان المعنيان غير الروح التي تفارق بالموت التي هي النفس، ويراد بنفس الشيء ذاته وعينه، وقد يراد بلفظ النفس الدم الذي يكون في الحيوان، كقول الفقهاء: " ماله نفس سائلة، وما ليس له نفس سائلة " فهذان المعنيان بالنفس ليسا هما معنى الروح " (١) .

وتطلق الروح أيضاً على جبرائيل: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) [الشعراء: ١٩٣] ، وتطلق على القرآن (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا) [الشورى: ٥٢] .

ويلاحظ شارح الطحاوية أن الروح والنفس وإن أطلقا على تلك اللطيفة الربانية، إلا أن " غالب ما يسمى نفساً إذا كانت الروح متصلة بالبدن، وأما إذا أخذت مجردة فتسمية الروح أغلب عليها " (٢) .

ويقول ابن تيمية في هذا: " لكن تسمى نفساً باعتبار تدبيره للبدن، وتسمى روحاً باعتبار لطفه، ولهذا يسمى الريح روحاً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الريح من روح الله " (٣) أي من الروح التي خلقها الله " (٤) .


(١) المصدر السابق: (٢/٣٩) .
(٢) شرح العقيدة الطحاوية: ص (٤٤٤) .
(٣) رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والحاكم.
(٤) رسالة العقل والروح، مجموع الرسائل المنيرية: (٢/٣٧) .

<<  <   >  >>