للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان الملائكي وإمكانية وجوده، ومعنى ذلك أن على الإنسان أن يفهم ذاته من خلال بشريته أو من خلال قول الرسول: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".

لذلك نرى أن الإسلام ركز على أمور نبرز منها:

أولا: حدد مفهوم المقدس من غيره، وحدد مصدره وهو الله وما أوحى به إلى رسله، وبذلك التحديد كفل للعقل مجاله وحريته.

ثانيا: سد الطريق على كل متنبئ بقوله عليه السلام: "أنا العاقب فلا نبي بعدي".

وقوله تعالى١: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا} .

وتلك مكرمة الإسلام الحقيقية؛ لأن هذا المبدأ الذي قرره الإسلام حمل العقل الإنساني مسئولية الكفاح ضد الذين يحاولون أن يعوقوا من مسيرة العقل الإنساني باسم التنبؤ أو باسم الأوصياء الشرعيين من قبل الله، وأبطل قول كل من يدعي العصمة، ولا يفيد معنى انتهاء النبوة انتهاء الدين؛ لأن الحياة الدينية باقية ببقاء الوحي الإلهي وهو القرآن وسنة نبيه.

ثالثا: دعا الإسلام العقل إلى أداء وظيفته، ووظيفة العقل في نظر الإسلام: أن يقوم بعبء وظيفته الشرعية، وهي الفهم، والتدبر، والتفكر، وألا يدع وظيفته هذه لأي مضلل ينهاه عنها.

قال تعالى٢: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} .

بذلك أرشد العقل إلى أخص وظائفه: وهو الفكر، حتى ولو كان في القرآن أو في مصدره. وكان هذا الوضع طبيعيا من دين ألغى طريقا طويلا ازدحم فيه متنبئون كاذبون، وإنها لدعوة استجاب لها التاريخ نفسه على مستواه العالمي.


١ جزء من الآية ٣ من سورة المائدة.
٢ الآية ٨٢ من سورة النساء.

<<  <   >  >>