للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تزويد المريد ببعض أسرار المعرفة، التي كانت تقوده إلى الرؤيا؛ كانت "إيزيس" تظهر للعباد وتتكلم معهم، وكان الإغريق يقومون بطقوس العربدة التي كانوا يمارسونها على شرف الإلهة الأم "سبيل" وعشيقها. كما أخذوا عن الفينيقيين أعباءهم الصافية التي كانوا بها؛ تكريما "لعشتروت" وعشيقها "أدونيس"، ثم أصبحت هذه الإلهات وعشاقها إلهات إغريقية رومانية؛ فحنان الأمومة الذي كان يتجسد في "إيزيس" جعل من هذه الإلهة إلهة محببة إلى نفوس الناس رجالا ونساء على السواء.

وقد انتشرت عبادة "إيزيس" و"أوزيريس" في العهد الروماني، وراقت للناس أكثر مما انتشرت في العصر الهليني ففي أثناء القرنين الأولين للميلاد كان للإلهة "إيزيس" مزارات وهياكل منتشرة في صقلية وسردينيا وإيطاليا؛ ومنذ القرن الثاني للميلاد وما بعده كانت ملة "إيزيس وأوزيريس" من ألد خصام المسيحية، وفي الفترة القصيرة التي انتعشت فيها الوثنية في روما ٣٩٤، كانت "إيزيس" أم الآلهة، و"ميترا" يحتلان المرتبة الأولى.

يقول حتى: وفي النهاية أصبحت "إيزيس" بمثابة "مريم العذراء" كما صار "هورس" قرين "المسيح"، فكانت عملية دمج أكثر منها عملية تنحية وإزاحة، وفي القرن الثالث كان الناس يتأرجحون في إيمانهم بين الإلهة "ميترا" والسيد "المسيح".

ولكن المسيحية ما فتئت أن انتصرت في القرن الرابع انتصارا حاسما على دين "ميترا"، ونجمل فيما يلي خصائص الفكر الإسكندري ما دام هو الذي كان يغذي المراكز الثقافية، وهو فيما يلي:

أولا: تتميز هذه الخصائص بالاتساع الفكري، واتساعها الفكري وإن كان ميزة أبعدت عنها تهمة التعصب لثقافة دون أخرى جعلها لا تتعمق في القضايا بقدر ما حملت عبء التوفيق بين القضايا المتنازعة.

ثانيا: ركزت على المنهج التوفيقي أو التلفيقي: فربط أولا: بين المدارس الفلسفية القديمة، ثم ثانيا: بين أفكار الفلفسة القديمة وفكرها الحديث، هذا من جانب موقفها الفلسفي، ثم من ناحية موقفها من الدين حاول بعضهم -مثل فيلون الإسكندري- أن يوفق بين توحيده الديني، واتجاه الفلسفة، ثم غالى في اتجاهه عندما

<<  <   >  >>