للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقول: إنه قد تنتقل ثقافة إلى حضارة فتتقدم الحضارة ولا تتقدم الثقافة الوافدة، ومنها الحضارة الإسلامية التي قد تكون حددت الثقافة بغايتها الحضارية.

فالحضارة افسلاميةن كانت بعد الوحي: عواملها ذاتيةن وخارجية استفادت من الثقافات الأخرى ما وسعها الاستفادة، فتقدمت الحضارة الإسلامية: لغة وفكرا وتاريخا، وجغرافية، وما زال الإسلام مزدهرا، إن كان المسلمون في ضعة وضعف.

واصبح لها وزن خاص وخصائص حضارية خاص. إذا أخذنا هذا في الاعتبار لأصبحت دعى "هانز هيترش شيدرط يشوبها روح التعصب لليونانيةن لأن الحضارة ليست مهمتها تنمية التراث الوافد لتعيده مرة أخرى إلى حيث أتى، إنما مهمتها الاستفادة التي تيسر لها مسيرتها وتخدم غاياتها، حتى تحدث آثارها ذكرا بينا فيما يأتي من حضارات. ولذلك كان لابد للثقافة أن تتغير، وأن تكيف نفسها بكيفية الظروف المتغيرة، وأن تلبي المطالب الجديدة، ولذلك لا يمكن أن تظل وفية لماضيها دون حاضرها، غلا حين تكون حياتها غير حقيقية أو تكون ثقافة لا وظيفة لهان وعندما يكون حالها هكذا، تصبح وظيفة المجتمع: رفضها، لأنها أصبحت، لا تتناسب مع وضعه وقدرته.

على أية حال: لم تكن الهلينية من أقوى المؤثرات في الشرق والمنطقة العرية فيه: إنما كانت الأديان السماوية: هي الأثر الوحيد والحقيقي للشرق، وأثره البارز على الغرب، أو بمعنى آخر: الأديان -وهي تراث شرقي- آثر تركة الشرق على الغرب، أما مناهجه العقلية فهي اثر يوناني في بعضه.

والنتيجة النهائية التي يجب أن يصل إليان غير أن بحثه لم يمهد لها هي كما يقول: "وأتى العرب معهم بإرادة الغزو، وكلمة دينية جديدة لكنهم لم يأتوا بحضارة خاصة يمكن أن تحل محل تلك التي وجدوها في البلاد التي فتحوها، وبقدر ما توغل في المقاطعات القديمة ذات الحضارة وبقدر ما نقلت مراكز سلطانهم من مواطنهم الأصليةك إلى سورية، ومنها إلى العراق، وجاء العرب عيالا على الحضارة العتيقة الراسخة في نفسها ذات الطابع الموحد الذي كان عند من أخضعوهم. وهكذا بدأت تبرز، منذ نهاية القرن الثامن: وحدة الحضارة الإسلامية التي لم تكن شيئا آخر

<<  <   >  >>