ويفهم من كلامهم في بعض الأحيان أن منهم من كان يحسن فهم "العبرانية" أو لغة بنى "إرم".
ولكن الإخباريين -عفا الله تعالى عنهم- لم يتبسطوا لنا في الحديث عن ماهية تلك الصحف، وعن محتويات مجلة لقمان، وعن الكتب المنزلة؛ ولم يأتوا بنماذج مفصلة طويلة، أو قطع ترشد إلى المظان التى نقلت منها، فأضاعوا علينا -بعدم الإشارة إلى هذه الأمور- أشياء كثيرة مهمة بنا حاجة ماسة إلى معرفتها؛ للوقوف على الحالة الدينية في جزيرة العرب قبيل الإسلام، وإبان ظهوره، ويؤكد أهل الأخبار أن بعض أولئك الحنفاء كانوا يسيرون على سنة "إبراهيم" وشريعته؛ وإن بعضًا آخر منهم كان يتلمس كلماته، ويسأل عنها، وإنهم في سبيل ذلك تحملوا المشاق، والأسفار والصعاب.
وقد جعلوا وجهة أكثرهم أعالي الحجاز، وبلاد الشام وأعالي العراق أى: المواضع التي كانت غالبية أهلها على النصرانية يومئذ، وجعلوا أكثر كلامهم وسؤالهم مع الرهبان، وقد أضافوا إليهم الأخبار أحيانا وذكروا أن الرهبان والأحبار أشاروا عليهم بوجوب البحث والتأمل، فليس عندهم ما يأملونه ويرجونه من دين "إبراهيم" و"إسماعيل"؛ ولذلك لم يدخلوا في "يهودية"، ولا "نصرانية" بل ظلوا ينتظرون الوعد الحق، ومنهم من مات وهو على هذه العقيدة، مات معتقدا بدين "إبراهيم" حنيفا غير مشرك بربه أحدا.
أما كيف كانت شريعة "إبراهيم"؟، وعلى أي نهج سار الحنفاء؟ وهل كان لهم كتاب، أو كتب، أو نحو ذلك؟ فأسئلةلم يجب عنها أهل الأخبار إجابة صريحة واضحة، لذلك صرنا في جهل بأمر تلك الشريعة -شريعة إبراهيم- شريعة التوحيد الحق١.
ويذكر أهل الأخبار: أنه كان لأتباع "إبراهيم" من العرب علامات وعادات ميزوا أنفسهم بها عن غيرهم، منها:"الختان، وحلق العانة، وقص الشارب"، وهي