والثانية في الجنوب؛ وهي مقاطعة شنعار، أو شومر، وكانت آكد أسبق المقاطعتين إلى الخروج من أيدي الشومريين إلى أيدي الساميين، الذين سموا فيما بعد بالبابليين، وهم الذين أسسوا أول إمبراطورية سامية، بلغ أوج عظمتها في عهد سرجون الأول في القرن الثامن والثلاثين قبل الميلاد؛ أما المقاطعة الجنوبية وهي شومر، أو شنعار، فلم تخضع للساميين إلا في عصر متأخر.
٤- الآكديون:
كان الآكديون فرعا من هجرات سامية متوالية، تكاثرت أعدادها بوادي العراق، والشام قبيل منتصف الألف الثالث قبل الميلاد؛ ثم تشعبت فروعًا كثيرة؛ فكان منها ما انتشر في نواحي الشام، واتجهت آمالها نحو المناطق الخصبة بالعراق؛ والشعبة الثانية عرفت باسم الأموريين، أطلق عليهم "السومريون" بمعنى أهل القرب؛ وإن كان هناك بعض نصوص بابلية تذكر أن إحدى آلهتهم الكبرى تسمى "باحور" مما يرجح نسبتهم إليها.
وكانت الجماعة الثانية تعرف "بالآكديين"، الذين اكتسبوا اسمهم بالانتساب مؤخرا فيما يحتمل إلى العاصمة "آكد" التي أصبحت مركزًا لنشاطهم السياسي والحربي، بعد فترة من استقرارهم بالعراق، وبعد أن انتظمت أمورهم وعز شأنهم فيه.
وحين استقر شأنها ونجحت في تكوين دولة كبيرة في العراق، دعت إلى نوع من تعظيم أولي الأمر الكبار فخطر لدى بعض أهل العراق فكرة تقديس الحكام، أو نعتهم بنعوت الربوبية، وإن جمعتهم هذه الفكرة على السواء، وأدخلت معها ألفاظ ومسميات سامية، وجدت سبيلها إلى لغة العقائد، والآداب، والأسماء؛ فأدخلت إلى الدين اسمي: سينن وشمس "القمر والشمس" إلى جانب اسميهما السومريين القديمين، "وأوتو" اسم المعبود الزهرة؛ وهي عشتار عند الساميين الأموريين التي شابهت "أنانا" السومرية، كما أدخلت معها بضع صفات ربانية مثل "بعل" بمعنى: سيد وإيل "أو إل" بمعنى إله، وذلك فضلا عن لقب "شارو" بمعنى ملك، وقد حل محل لقب "لوحال" السومري القديم؛ وألقاب كهنوتية مثل "شيبو" بمعنى كهنة الطقوس، وعدد كبير من أسماء الأفراد من أطرفها اسم يقرب من اسم "إسماعيل" أو "يشع ال" وله دلالة بالغة الأهمية؛ إذ إن ظهوره منذ أكثر من أربعة آلاف عام يدحض دعوى بعض غلاة اليهود ممن أرادوا أن يشككوا العرب الشماليين فيما تواتر