للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم بعد يعظمون الكعبة ومكة ويحجون ويعتمرون على إرث إبراهيم وإسماعيل، ثم سلخ ذلك بهم إلى أن عبدوا ما استحبوا ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كنت عليه الأمم من قبلهم١، يقول المقدسى: وكان في مشركيهم بقية من دين إسماعيل كالنكاح والختان والمناسك وتعظيم الأشهر الحرم وغير ذلك٢.

وذكر الشهرستاني من سننهم التى وافقهم عليها القرآن فقال: قال محمد بن السائب الكلبي: كانت العرب في جاهليتها تحرم أشياء نزل القرآن بتحريمها: كانوا لا ينكحون الأمهات، ولا البنات، ولا الخالات، ولا العمات.

وكانوا يطلقون ثلاثا على التفرقة, وقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما: أول من طلق ثلاثا على التفرقة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وكان العرب يفعلون ذلك، فيطلقها واحدة وهو أحق الناس بها، حتى إذا استوفى الثلاث: انقطع السبيل عنها، ومنه قول "الأعشى ميمون بن قيس" حين تزوج امرأة فرغب قومها عنه، فأتاه قومها، فهددوه بالضرب أو يطلقها:

أيا جارتا بِينِي فإنك طالقهْ ... كذاك أمور الناس غادٍ وطارقه

قالوا: ثنِّه، فقال:

وبِينِي فإن البَيْنَ خيرٌ من العصا ... وأن لا ترى لي فرق رأسك بارقَه

قالوا: ثلِّث، فقال:

وبِينِي حصان الفرج غير ذميمة ... وموموقة قد كنت فينا، ووامقهْ

قال: وكانوا يحجون البيت ويعتمرون، ويحرمون، قال زهير":

وكم بالقيان من محل ومحرم

ويطوفون بالبيت سبعا، ويمسحون بالحجر، ويسعون بين الصفا والمروة، قال أبو طالب:


١ الأصنام ص٦.
٢ البدء والتاريخ "٤: ٣٣".

<<  <   >  >>