للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى ذلك إذا صح تعليل الأستاذ جورجي زيدان اللغوي فلا يبقى شك في أن هبل هو بعل، والذي يؤكد صحة هذا الرأي أن الله أورده في التنزيل: "أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين".

فقال الله: "بعلا" ولم يقل هبلا.

وفي هذا ما يدل على أنه كان يسمى بعلا عند الإسرائيليين١.

والأوفق عندي من خلال البحوث الحديثة: أن بعلا كان إله العبرانيين ولكن متى عرف العبرانيون وثنية بعل؟ والجواب أن ذلك حدث عندما استقر العبرانيون في كنعان وتمت عملية امتزاج بطيئة تركت عرضا علامات في دين العبرانيين مثل عبادات آلهة الكنعانيين "بعليم: أسياد البلاد"، ولم يكن هؤلاء البعليم على غرار يهوه آلهة حرب ولكنهم كانوا آلهة طبيعة مسالمين تتمثل في شخوصهم قوي الخصب والحياة المنتجة ويتألفون أزواجًا: ذكر "بعلا" وأنثاه "عشتاروت".

ولهم ديانات محلية متباينة تصحبها الشهوة المخزية فربما كان دين العبريين قد هبط في يسر إلى مستوى الدين الكنعاني وكان يهوه قد اندمج في البعليم ولما ترك العبريون طابعا على تاريخ البشر الروحي، وظل يهوه بين كل ما تمثلوه من العبادات الكنعانية كالمرتفعات والصور الخشبية لعشتاروت أو العمد المقدسة إله شعبه المختار.

وهذا أثر كنعاني على العبريين.

وأما العبراني فهو أقدم من بني إسرائييل وإن كان إسرائيل منهم غير أن العبراني أعم من جهة ثانية؛ لأنه يشمل إبراهيم وقومه وهم غير اليهود، فكان بعل هذا هو إله قوم إبراهيم ويققارب أن يكون اسمه "هبعل البعل" ولعله يقابل "مردوخ" البابليين وبعل الكلدانيين، فأصله لا شك دخيل"٢.

حاول عمرو بن لحي أن يجعله إله الجزيرة الأكبر، إذ بمقارنة وظائف هذه الآلهة مع ما روي عن هبل يتضح لنا أنه كان إله الخصب، والرزق، ومن ثم إله


١ المرجع نفسه.
٢ الإسلام في نظمه ص٤١ الأستاذ أنور الرفاعي.

<<  <   >  >>