للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدينهم الوثني: لا حياة فيه ولا معنى له، ولا يساعد أحدا منهم على أن يحدد العلاقات التي تربط هذه الآلهة المتعددة بالبشر، وصرفهم عن فهم ما لديهم من فكر غامض ناشئ عن قوة عالية فكانوا يقدسون الأوثان؛ لأنها تمثل هذه القوة بوساطة طقوس وثنية ورثوها عن أجدادهم.

ووثنية العرب لم تستطع أن تجيب إجابات مقنعة على الأسئلة البدهية التي تتردد في ذهن كل شخص مفكر مثل:

من أين خلقت؟ وإلى أي نهاية مصيري؟ وما هدفي وغرضي من الحياة؟

"لم يشغل العربي ذهنه بشيء من القضايا أو ما هو من قبيلها، ولكن كانت حياة العربي حياة حرية ومرح وسرور ومجون، وكانت المخمر والنساء والحرب هي الأشياء التي يحبها العربي ويهتم بها"؛ فهو إما أن يستغرق في الخمر أو ينصرف إلى الفسق أو يستنفد قوته وطاقته في الحروب القبلية أو سلب جاره وكانت حياة مرح لا يعكر صفوها أفكار خطيرة أو تأملات دينية تدفع إلى الميل أو الرغبة في عمل الخير.

"لقد كان هدفهم من الحياة أن يتمتعوا بحاضرهم وأن يحرزوا النصر في معاركهم، وإلى يومنا هذا نجد البدوي محتفظًا بهذه الصفات فهو في غالب حالاته لا يتقيد بالدين١.

"والدلائل تشير إلى أن الوثني في الجاهلية على العموم لم يكن يتمسك في دينه بعقيدة نابعة من شعور ديني عميق أو عاطفة روحية شديدة قائمة على عقل سديد أو تفكير سليم، ولكن هي عادات تأصلت في نفوسهم تقليدًا لغيرهم أو تمسكًا بسلوك آبائهم وأجدادهم السابقين"٢.

ويحلل بلاشير٣ العاطفة الدينية عند الجاهلية فيقول: إن العاطفة التي كانت تسيطر على النفوس في المحيط العربي قبل ظهور


١ تاريخ الإسلام العام ص١٨.
٢ تاريخ الأدب الجاهلي علي الجندي "١: ١١٧".
٣ تاريخ الأدب العربي ص١٦.

<<  <   >  >>