لأن من الناس من أخطئوا وهم يفكرون في مثل هذه الأمور، وعلى الخصوص لأننا علمنا أن الله الذي خلقنا يستطيع أن يفعل ما يشاء, وما ندري بعد فربما كانت مشيئته أن يجعلنا بحيث نكون دائما على ضلال، حتى في الأشياء التي نظن أننا على بينة منها، فإنه ما دام قد سمح بأن نضل في بعض الأحيان, كما علمنا من ملاحظة الواقع, فلم لا يستطيع أن يسمح بأن نضل على الدوام؟ وإذا افترضنا أن إلها واسع القدرة ليس هو بارئ وجودنا، فبقدر ما نفترض هذا الخالق أقل قدرة يكون لدينا أسباب أدعى إلى الاعتقاد بأننا لم نبلغ من الكمال ما يحول دون تعرضنا للضلال باستمرار.
٦- في أن لنا حرية اختيار تجعلنا نستطيع أن نمسك عن التصديق بالأشياء المشكوك فيها؛ ومن ثم نصون أنفسنا من الوقوع في الضلال:
لكن على فرض أن الذي خلقنا واسع القدرة, وعلى فرض أنه يرضيه إضلالنا، فنحن لا نخلو من أن نجد في أنفسنا حرية نستطيع بها إذا شئنا أن نمتنع عن التصديق بالأشياء التي لا نعرفها حق المعرفة، وبهذا نمنع أنفسنا من الضلال١.
٧- في أننا لا نستطيع أن نشك دون أن نكون موجودين, وأن هذا أول معرفة يقينية يستطاع الحصول عليها:
ونحن حين نرفض على هذا النحو كل ما يمكننا أن نشك فيه, بل وحين نخاله باطلا، يكون من الميسور لنا أن نفترض أنه لا يوجد إله ولا سماء ولا أرض،
١ إن هذه المقدرة على الإمساك عن الحكم هي الدليل الأكبر على ما أودع الله فينا من حرية. "قارن المادة ٣٩ من "المبادئ"".