للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أساس أن ما يمكن معرفته عن العالم والإنسان, ومكانه منه يمكن الحصول عليه من العلوم الطبيعية التي تدرس الكون, والعلوم الاجتماعية التي تدرس الإنسان.

وقد تجلى رفضهم للمفهوم التقليدي للفلسفة في استبعادهم لكل من الفلسفة والأخلاق, ومن تصورهم الذي يربطون فيه بين الفلسفة والمنطق. فوظيفة التفكير الفلسفي لديهم هي الكشف عن المبادئ الأصلية, أو الفروض الأولية التي يقوم عليها كل علم.

إن الفلسفة من وجهة نظرهم ما هي إلا الدراسة المنطقية للمفاهيم والرموز، أو هي تحليل اللغة وتوضيح المعرفة التجريبية بترجمتها إلى قضايا تنصب على المضامين الحسية؛ لأنهم يرون أن اللغة تشتمل على ألفاظ خادعة ليس لها معنى وإن كانت تثير عند من يسمونهم بالفلاسفة التأمليين مشاكل لا وجود لها إلا في أذهانهم.

اعتبر الوضعيون المناطقة إذًا أن الفضل يرجع إلى مدرسة فينا في تقديم تعريف أدق للفلسفة, مؤداه أنها ليست سوى التحليل المنطقي للجمل والمفاهيم العلمية, وهو ما أسماه رودلف كرناب "١٨٩١-١٩٧٠" بمنطق العلم. أما لودفيج فيتجينشتاين "١٨٨٩-١٩٥١" فقد عرف الفلسفة بأنها توضيح الأفكار توضيحا منطقيا أي: توضيح القضايا وإزالة غموضها؛ توصلا إلى حقيقة معانيها، وليس وضع قضايا تفسر حقيقة الأشياء وطبيعة الموجودات.

تتحول الفلسفة طبقا لهذه المدرسة إلى مجرد منهج للبحث هدفه التحليل المنطقي للغة المستخدمة في الحياة اليومية, أو تلك التي يستعملها العلماء في بحوثهم بهدف إزالة اللبس والغموض الذي يعتري الأفكار مع بيان عناصرها حتى تبدو جلية واضحة١.


١ Rudolf Carnap, The Logical Syntax of Language, London ١٩٥٩ "first publ. ١٩٣٧", p. ٢٨٠.
زكي نجيب محمود، نحو فلسفة علمية، القاهرة ١٩٥٨، ص٦، ٧؛ زكي نجيب محمود، قصة الفلسفة الحديثة، القاهرة ١٩٣٦، الجزء الأول ص٢٣٤، ٢٣٢٥، توفيق الطويل، أسس الفلسفة، مرجع سابق, ص٢٦٦، ٢٦٨، زكريا إبراهيم، مشكلة الفلسفة، مرجع سابق، ص٧٤، ٧٥.

<<  <   >  >>