للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألفاظ والعبارات التزاما يقرب الفيلسوف من العالم في دقة استخدامه للمصطلحات العلمية. والهدف من ذلك هو تحديد الألفاظ الفلسفية بطريقة لا تدع كلمة بغير مسمى, مما يمكن تعقبه بالحواس كوسيلة لجعل الفلسفة علمية في منحاها ومنهجها.

لكن النقد الأهم من وجهة نظرهم هو محاولة الفلاسفة التقليديين الاعتماد على الفكر الخالص وحده في وصف الوجود الخارجي, والتوصل إلى "مبدأ" يضم الكون بما فيه, ومن فيه.

علاجا لذلك، نصحت الوضعية المنطقية بأن تحصر الفلسفة بحثها في مشكلات جزئية محددة. فبدلا من أن يحاول الفيلسوف البحث عن "مبدأ" يضم الكون بما فيه ومن فيه، فإن عليه أن يقنع بالبحث في مفهوم واحد من مفاهيم العلم, حتى تنمو المعرفة الفلسفية عن الموضوع الواحد نموا تدريجيا.

ولأهمية هذه النقطة في كشف موقف الوضعية المنطقية من موضوع القيم والعقل وموقع الإنسان من الكون, نورد النص التالي:

"الفيلسوف المعاصر ذو النزعة العلمية متواضع، يرضيه أن يجتزئ من هذا الكون الفسيح كله بجملة أو طائفة قليلة من الجمل، يقولها العلماء في موضوعات اختصاصهم، أو يقولها الناس في أحاديثهم الجارية, فيتناولها بالتحليل المنطقي الذي يفصل مكوناتها تفصيلا يضعه في الضوء بعد أن كان خبيئا ... حتى إذا ما ظهرت الهياكل العارية للغة التي نستخدمها، ظهرت بالتالي حقيقة الفكرة التي نعرضها، فيزول الغموض الذي كان قمينا أن يخلق المتاعب ويثير المشكلات. وحسبك أن تعلم في هذا الموضع أن رجال التحليل في الفلسفة الحديثة لم يكادوا يتناولون بالتحليل مشكلات الفلسفة التقليدية، حتى تبين لهم في وضوح الإشكال وأن الأمر كله غموض في لغة الفلاسفة، هو الذي خيل لهم أنهم إزاء مشكلات تريد الحل, ولا حل هناك".

<<  <   >  >>