٢ يعترف العلماء المعاصرون بفضل العلّامة عبد الرحمن بن خلدون الذي وإن لم يكن أول من كتب في التاريخ, إلا أنه باتفاق أغلبيتهم هو أول من أرسى قواعده كعلم وبيّن أصول الكتابة التاريخية وضرورة عدم الميل مع الهوى وتحري الدقة وتمحيص الأخبار. فكثيرا ما كان يستبعد روايات من سبقوه من المؤرخين على اعتبار أنها اختلاق غير ممكن الحدوث بحسب طبائع الأشياء وقوانين العمران. ولعل أهم ما يميز كتاباته في التاريخ هو براعة التنظيم والربط، والدقة والوضوح في تبويب الموضوعات والغوص على أسباب الحادثات، وصياغة الفروض واختبارها للتأكد من صحتها على نحو ما هو معروف في المناهج الحديثة. انظر في ذلك: محمد محمود ربيع "منهج ابن خلدون في علم العمران" في: مجلة مصر المعاصرة، العدد٣٤، إبريل ١٩٧٠ ص٢٢٥، كذلك مؤلفنا: M. M. Rabie, The Political Theory of lbn Khaldun, op. cit. pp. ٢٣, ٣١ ff.