للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما هيجل, فقد كانت له اليد الطولى في صياغة المنهج الجدلي بشكل متكامل, ولأول مرة في الفترة التالية للثورة الفرنسية التي كان معجبا بها؛ لقضائها على النظام الإقطاعي, مما حفزه إلى القيام بثورة مماثلة في الفكر. ولفهم المنهج الجدلي المثالي، سنشير فيما يلي بإيجاز إلى آراء كل من هيجل وفويرباخ وماركس، مع محاولة حصر تداخل تلك الآراء مع موضوع المبحث التالي في أضيق نطاق ممكن.

تتعدى أهمية أفكار هيجل مجرد التأثير في الفلسفة الألمانية. فما أن أشرف القرن التاسع عشر على نهايته, إلا وكان كبار الفلاسفة الأكاديميين حتى في بريطانيا والولايات المتحدة من الهيجليين على حد قول الفيلسوف البريطاني برتراند راسل١, بل لقد أثرت أفكاره الأخرى غير الفلسفية في رجال الدين البروتستانت الذين تبنوا بعض جوانب مذهبه، كما أثرت فلسفته للتاريخ تأثيرا عميقا في دراسات النظرية السياسية.

غني عن البيان أن كارل ماركس كان في شبابه من أتباع هيجل. ورغم اختلافه معه فيما بعد حول النظرة المثالية للوجود والعالم, فإنه ظل ينظر إليه باحترام كبير هو وزميله إنجلز لإسهامه في تأصيل المنهج الجدلي, الذي كانا يعتبرانه الصورة الأساسية لجميع أنواع الجدل، ويلخص لينين وجهة نظرهما في جدل هيجل بقوله: إنه "أوسع منهج من مناهج التطور وأوفرها مضمونا وأكثرها عمقا، وأثمن اكتساب حققته الفلسفة الكلاسيكية الألمانية.... وكانت كل صيغة أخرى لمبدأ التطور تتراءى لهما وحيدة الجانب، فقيرة المضمون،


١ Bertrand Russel, History of Western Philosophy, op. cit., "eighth impression ١٩٧٥", PP. ٧٠I ff.

<<  <   >  >>