للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على السلام والنظام والعدالة. افترضت النظرية قيام علاقة تعاون بين السلطتين, وإن كان قد اكتنفها بعض الغموض حول حدود كل منهما.

عبرت نظرية السيفين عن تعاليم عصر آباء الكنيسة الذي شغل حوالي خمسة قرون من العصر الوسيط. ويدور جوهر تلك التعاليم -كما أوضحنا- حول التمييز بين الشئون الروحية, والشئون الدنيوية أي: بين متطلبات كل من الروح والجسد.

فالإرادة الإلهية هي التي قضت -وفقا لتلك النظرية- على المجتمع الإنساني بأن يخضع لسلطتين روحية وزمنية، يدير الأولى رجال الدين والثانية رجال الدنيا, على أن تخضع إدارة كل منهما للقانون السماوي والقانون الطبيعي. غير أنه لم يكن هناك في البداية فصل تام بين الكنيسة والدولة بالمعنى الحديث لهذين المصطلحين وإنما مجتمع مسيحي واحد بالصورة التي أشار إليها القديس أوجستين في كتابه مدينة الله. لهذا فإنه عندما شبَّ النزاع بين السلطتين اتسم في مراحله الأولى بكونه خلافا بين فئتين من الرسميين, لكل منهما سلطة أصلية تزعم أنها تعمل في حدودها. وقد تناول الصراع بينهما مجالات اختصاص متعددة مثل قسم الملك لليمين وتنصيب الحكام وخلعهم أحيانا، ثم مدى سلطة الحكام الزمنيين في تنصيب الأساقفة وكبار رجال الدين, ومحاكمة هؤلاء عند الإخلال بواجباتهم الروحية.

تحتل كتابات توماس أكويناس "١٢٢٥-١٢٧٤" وهو راهب من الرهبان الدومينيكان, مركزا هاما من ذلك الصراع؛ نظرا لانحيازه إلى البابوية كما بحث في العلاقة بين الفلسفة والمسيحية.

كانت الكنيسة الكاثوليكية تميل في البداية إلى تحريم مؤلفات أرسطو على أساس أنها بدعة, وقد وجدت تلك المؤلفات طريقها إلى أوروبا عن طريق المصادر العربية والمترجمين اليهود من الأندلس. وفعلا حرمت الكنيسة قراءة تلك المؤلفات في جامعة باريس عام ١٢١٠, ثم تراجعت تدريجيا عن ذلك وبدأت

<<  <   >  >>