للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على كافة أوجه العصبية بالشكل الذي شرحناه آنفا. ولكن بعد أن يخرج الترف عن الحد ويسود الفساد والظلم, فإن فرعا من فروع العصبية الذي لا يزال يحتفظ بالصفات الأولى من صلابة, وحيوية قد يلعب دور السبب مرة أخرى في إحداث صراع صغير على السلطة بين الأجنحة المتنازعة للعصبية, ويولي حاكما جديدا مكان الحاكم الضعيف١.

يتضح من هذا استحالة اتخاذ موقف جامد من العلاقة بين العصبية والعمران البشري -سواء كان يدويا أو حضريا- بمعنى أن أيا منهما لا يمكن اعتباره سببا مطلقا, أو نتيجة مطلقة.

وأخيرا نستنتج أن ابن خلدون كان يعتقد بوجود علاقة ديناميكية بين الأسباب, والنتائج لا تترك أيا منها في مكانها بشكل جامد. فالأسباب لا تظل دائما أسبابا وكذلك الحال بالنسبة للنتائج, وإنما هناك حركة وتغير دائمان وحلول للأسباب محل النتائج وبالعكس وذلك في سلسلة متصلة من ردود الفعل المتبادل.


١ M. M. Rabie, The Political Theory of lbn Khaldun, op. cit. pp. ٥٤, ٥٥.

<<  <   >  >>