للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أقوال السلف من الفلاسفة. فبعد أن اخترع التلسكوب, وتمكن من رؤية كلف على وجه الشمس عرضه على زملائه في جامعة بيزا، ولكن بعضهم أنكر ذلك استنادا إلى أنه لم يجد في كتب أرسطو ما يثبت هذا الكلف. كذلك عابوا عليه جرأته في نقد آراء أرسطو بعد التجربة التي أثبت فيها خطأ المفكر اليوناني الكبير الذي كان يظن أن إلقاء جسمين مختلفين في الوزن من مكان مرتفع يؤدي بالجسم الأثقل إلى بلوغ الأرض قبل الأخف.

ثانيا: رغم أن أرسطو أدرك أن القياس والاستقراء هما أسلوبان للبرهنة -ينتقل بواسطتهما العقل من الكلي إلى الجزئي أو العكس- فإنه اهتم بشكل أساسي بنوع خاص من البرهنة هو القياس المنطقي. وقد ظل هذا المنهج سائدا في العصور القديمة, ثم استفحل أمره على يد المدرسيين في العصر الوسيط. وقد تعرض منهج أرسطو للنقد الشديد في أوروبا أيضا -وليس فقط في العالم الإسلامي- وذلك ابتداء من عصر النهضة, حيث ندَّد به العالم الكبير راموس وغيره من المفكرين الذين دعوا إلى الاعتماد على الملاحظة والتجربة.

ثم جاء فرانسيس بيكون ليحسم الخلاف نهائيا في أوروبا, وذلك بحملته على القياس المنطقي كوسيلة عقيمة تلزم الباحث بالتسليم بصحة المقدمات سلفا، والسعي لإثبات صحة ما هو معلوم مع العجز عن الكشف عن أية أفكار جديدة. وقد لخص بيكون القسم الإيجابي من منهجه في عدة مراحل, أهمها مرحلة التجريب، ثم مرحلة التسجيل١.

١- تشمل مرحلة التجريب جمع أكبر عدد ممكن من مفردات الظاهرة موضوع البحث حتى تسهل ملاحظتها في الظروف المختلفة. ويهدف بيكون من ذلك إلى تنويع التجارب وتكرارها ونقلها من المألوف إلى غير المألوف.


١ المرجع السابقن ص١٩١-١٩٣، عبد الرحمن بدوي، مناهج البحث العلمي، القاهرة ١٩٦٨، ص١٥٨-١٦٢.

<<  <   >  >>