للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معلوم, ويراد به البرهنة على قضية ما عن طريق مبادئ عامة تصدق عليها، وبه نستخلص من شيء نعرفه معرفة يقينية نتائج تلزم عنه١.

اتهم ديكارت منطق أرسطو بالتعقيد, ووضع بدلا منه قواعد سهلة يمكن تطبيقها في كل بحث نظري. وقد لخَّص القواعد المتعددة التي وضعها في أربع فقط, هي٢:

١- قاعدة اليقين: "لا أقبل شيئا قط على أنه حق, إلا إذا عرفت يقينا أنه كذلك". ويمكن تطبيق هذه القاعدة من وجهة نظره باجتناب التهور والتسرع في إصدار الحكم قبل النظر. واجتناب التهور هو الامتناع عن الحكم قبل أن يصل العقل إلى يقين كامل، بينما يعني التحذير من الحكم قبل النظر اجتناب الأخذ بأفكار خاطئة عن السلف. لقد كان الوضوح هو معيار الصواب والخطأ الذي أخذ به ديكارت, واعتبره وسيلة ناجعة لتخليص العقل من الأفكار الباطلة الموروثة، والتحرر من سلطان الكنيسة وتأثير الفلسفة المدرسية للعصر الوسيط.

٢- قاعدة التحليل: "نقسم المشكلة موضوع البحث ما أمكننا ذلك، أي: نقسمها إلى أجزاء بسيطة بقدر ما تدعو الحاجة إلى حلها على أحسن وجه". إن الهدف من ذلك هو رد المركب إلى البسيط, والمعقد إلى السهل حتى تتضح الفكرة, ويمكن تأمين العقل من الزلل. ويدرك العقل هذا البسيط بالحدس الذي يدرك الأفكار البسيطة والحقائق الثابتة. فهو إذًا يجعل العلم بالمعقولات سابقا على العلم بالمحسوسات؛ لأن الأفكار أوضح من الأشياء.


١ توفيق الطويل، أسس الفلسفة، مرجع سابق، ص١٤٧، ١٤٨.
٢ المرجع السابق، ص١٤٨-١٥٠، نجيب بلدي، ديكارت، سلسلة نوابغ الفكر الغربي، القاهرة ١٩٥٩، ص٦٥ وما بعدها، ١٧٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>