بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- بويع أبو بكر الصديق بإجماع الصحابة إلّا من شذَّ، فقام بالأمر أكمل قيام، وكان بعض العرب ارتدَّ وبعضهم منع الزكاة, فأجبر الكل على الرجوع إلى الجادة بقوة إيمان المؤمنين، وثباته وحكمته، وجمع الكلمة وأزال كل خلاف داخلي، ثم شرع في فتوح الشام والعراق، وجمع القرآن في المصحف بإشارة من عمر، وذاك أهم أصول الفقه، توفي بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلثة أشهر وثمانية أيام.
وعهد بالخلافة لعمر:
فوقع إجماعهم عليه أيضًا، وتبع خطته في الفتح والعدل والشورى، توفي بعد عشر سنين وستة أشهر ونصف من ولايته شهيدًا, بعدما أوصل الإسلام من نهر مرو في الشرق إلى طرابلس الغرب في أفريقيا، وتقدَّم لنا في ترجمته تنظيماته لدولة الإسلام، ويأتي في اجتهاده شيء آخر.
وتولى بعده بإجماع من الصحابة عثمان بن عفان الأموي.
فزادت الفتوح شرقًا وغربًا, شمالًا وجنوبًا، وبقي في الخلافة اثنتي عشرة سنة غير عشرة أيام.
وهو الذي عدَّد نسخ القرآن في المصاحف وفرَّقه على عواصم الإسلام كما يأتي، ووقعت حركة ثورية، في شطر أيامه الأخير بسبب جعله الولايات في بني أمية, وظهور بعض الظلم من بعضهم بغير شعور منه لكبر سنه, فتألَّب بنو هاشم ضدهم، كما تألّبت جماعات شريرة سرية من الفرس واليهود حسدوا الإسلام