للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سنة"١, فإن ذلك يجعلني أضع سيبويه مع مدرسة القراء الذين يأخذون بالنقل عن الأئمة، ويعتدون برسم المصحف، ولكن ما جاء في كتابه من اعتداد بالقياس وتضعيف بعض الأئمة القراء, يدفعني إلى القول بأنه كان مترددًا بين المذهبين، وهو إلى مذهب القياس ومدرسته أقرب؛ ذلك لأن الملاك العام في احتجاجه للقراءات أنه أراد أن يجريها على مقاييس العربية, ومن هنا رأينا أنه لا يتحرج أن يصف كلا من القارئ والقراء بالضعف٢؛ لأنهما لم يتفقا مع ما انتهى إليه من قياس.

فإذا ما انتقلت إلى الفراء "٢٠٧ هـ" وجدته يتخذ موقفًا من رسم المصحف، والاعتماد عليه في الاحتجاج, ألخص معالمه الكبرى في النقاط الآتية:

أ- فهو حينًا يعلل محتجًّا لرسم كتاب المصاحف {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} من غير ألف، ورسم {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} بألف٣.

ب- وقد تكون القراءة صحيحة خالفت رسم المصحف المخالفة الجائزة, على النحو الذي بينه في هذا البحث، فيحتج لها الفراء٤.

جـ- وقد يرتضي القراءة الشاذة التي تجوزها العربية، وإن كانت مخالفة للرسم٥.

د- وقد ينفي شهوته "كذا" قراءة صحيحة؛ لأنها مخالفة للرسم٦.

هـ- ورأيته يحتج لرجوع الكسائي عن قراءة إلى أخرى بموافقتها قراءة العامة، والكتاب٧.

وهكذا نرى الفراء لا يخضع لاتجاه معين، أو نظرة إلى رسم المصحف مطردة؛ فهو حينًا يرتضي ما يخالف الرسم، وأحيانًا يشير إلى موافقة الكتاب فيحتج برسمه. على أن الاتجاه -في أغلبه- يدل على أنه معتد بالرسم إذا


١ الكتاب: ١/ ٤٨١.
٢ انظر مثلًا الكتاب: ٢/ ٤٢٣.
٣ معاني القرآن للفراء: ٢.
٤ معاني القرآن: ٨٨.
٥ انظر المصدر السابق: ٩٦.
٦ معاني القرآن: ١٢٥.
٧ معاني القرآن: ٢٠٢، والمقصود بالكتاب هنا رسم المصحف.

<<  <   >  >>