للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينخع ما أمكنه، إذا كان كذلك فليأخذها بمنديل ونحوه من فمه، ولا يتجشأ ولا يتمطى، ولا يكثر التثاؤب، وإذا تثاءب ستر فاه بعد رده جُهده، وإذا عطس خفض صوته جهده وستر وجهه بمنديل ونحوه، ويكون ساكنا مطمئنا وقورا وقرا، وذلك لا يخفى على من له أدنى أدب طبيعي.

ومن تتمات ما نحن فيه: أنه لا يسارر في مجلس شيخه ولو في مسألة، ولا يغمز أحدا، ولا يكثر كلامه بغير ضرورة، ولا يحكي ما يُضحك منه أو ما يتضمن سوء أدب، ولا يتكلم بما لم يسأله شيخه عنه، ولا يسأل شيخه ما لم يستأذنه أولا، ولا يضحك من غير عجب دون الشيخ، فإن غلبه الضحك تبسم بغير صوت، ولا يغتب أحدا في مجلسه، أو ينم له عن أحد، أو يوقع بينه وبين أحد ينقل ما يسوؤه كاستنقاص به وتكلم فيه، أو يقول له: فلان يود أن لو أقرأ عليه كالحاث له في أمره، وتركت ذلك لأجلك، ففاعل ذلك مع كونه ارتكب

مكروها أو حراما أو كبيرة مستحق للزجر والإهانة، والطرد والإبانة، وقد جاء عن علي رضي الله عنه: إن من حق العالم ألا تكثر عليه السؤال، ولا تعنته في الجواب، ولا تلح عليه إذا أعرض، ولا تأخذ بثوبه إذا كسل، ولا تشيرن إليه بيدك، ولا تغمزه بعينك ولا تغمز بعينك غيره، ولا تسار في مجلسه، ولا تطلب زلته، وإن زل فاقبل معذرته، وألا تقول: قال فلان خلاف قولك، وأن تحفظه شاهدا وغائبا، وأن تعم القوم بالسلام، وأن تخصه بالتحية، وأن تجلس بين يديه، وعليك أن توقره لله تعالى، وإن كانت له حاجة سبقتَ القوم إلى خدمته، وألا تمل من طول صحبته، وإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها منفعة١.

ومنها: أن يحسن خطابه مع الشيخ ما أمكنه٢، ولا يقول له: لِمَ؟ ولا


١ جامع بيان العلم وفضله ٩٥، وتذكرة السامع ١٠٠.
٢ تذكرة السامع ١٠٢.

<<  <   >  >>