للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى " فيهما فاكهةٌ ونخلٌ ورمان " فإن الأيام لم تزل بهم كأعياد، وكان لهم من الحنو على الأدب، ما لم يقم به بنو حمدان في حلب، وكانوا هم وبنوهم ووزراؤهم صدوراً في بلاغتي النظم والنثر، مشاركين في فنون العلم، وآثارهم مذكورة، وأخبارهم مشهورة، وقد خلدوا من المكارم التامة، ما هو متردد في ألسن الخاصة والعامة، وبالله إلا سميت لي بمن تفخرون قبل هذه الدعوة المهدية، أبسقوت (١) الحاجب أم بصالح البرغواطي (٢) أم بيوسف بن تاشفين الذي لولا توسط ابن عباد لشعراء الأندلس في مدحه ما أجروا له ذكراً، ولا رفعوا لملكه قدرا وبعدما ذكروه بوساطة المعتمد بن عباد فإن المعتمد قال له، وقد أنشدوه أيعلم أمير المسلمين ما قالوه قال: لا أعلم ولكنهم يطلبون الخبز، ولما انصرف عن المعتمد إلى حضرة ملكه كتب له المعتمد (٣) رسالة فيها:

بنتم وبنّا فما ابتلت جوانحنا ... شوقاً إليكم ولا جفّت مآقينا

حالت لفقدكم أيامنا فغدت ... سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا فلما قرئ عليه هذان البيتان قال للقارئ:

يطلب منا (٤) جواري سوداً وبيضاً، قال: لا يا مولانا، ما أراد إلا أن ليله كان بقرب أمير المسلمين نهاراً لأن الليالي السرور بيض، فعاد نهاره ببعده (٥) ليلاً لأن أيام الحزن ليالٍ سود، فقال: والله جيد، اكتب له في جوابه: إن دموعنا


(١) ب: ابسقمود؛ ق ودوزي: أبسقموت؛ وهو سقوط البرغواطي المتغلب على مدينة سبتة ومنه أخذها يوسف بن تاشفين (انظر مفاخر البربر: ٥٤ وما بعدها) .
(٢) هو صالح بن طريف الذي استحدث لبرغوطة مذهبا مستقلا، حوالي سنة ١٢٣هـ. (انظر الاستبصار ١٩٨ - ٢٠٠ في بعض الأخبار عنه وعن مذهبه) . وفي م: البغرواطي.
(٣) زاد في م: يتشوق.
(٤) م: هو يطلب، وسقطت " هو يطلب منا " في ب.
(٥) م: ببعد أمير المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>