للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجري عليه، ورؤوسنا توجعنا من بعده، فليت العباس بن الأحنف قد عاش حتى يتعلم من هذا الفاضل رقة الشوق:

ولا تنكرن مهما رأيت مقدماً ... على حمرٍ بغلاً فثمّ تناسب فاسكتوا (١) فلولا هذه الدولة، لما كان لكم على الناس صولة:

وإن الورد يقطف من قتاد ... وإنّ النار تقبس من رماد وإنك إن تعرضت للمفاضلة بالعلماء (٢) فأخبرني: هل لكم في الفقه مثل عبد الملك بن حبيب الذي يعمل بأقواله إلى الآن، ومثل أبي الوليد الباجي، ومثل أبي بكر ابن العربي، ومثل أبي الوليد ابن رشد الأكبر، ومثل أبي الوليد ابن رشد الأصغر، وهو ابن ابن الأكبر، نجوم الإسلام، ومصابيح شريعة محمد عليه السلام، وهل لكم في الحفظ مثل أبي محمد ابن حزم الذي زهد في الوزارة والمال ومال إلى رتبة العلم، ورآها فوق كل رتبة، وقال وقد أحرقت كتبه (٣) :

دعوني من إحراق رقّ وكاغدٍ ... وقولوا بعلمٍ كي يرى الناس من يدري

فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي ... تضمنه القرطاس، إذ هو في صدري ومثل أبي عمر ابن عبد البر صاحب " الاستذكار " و " التمهيد " ومثل أبي بكر ابن الجد حافظ الأندلس في هذه الدولة، وهل لكم في حفاظ اللغة كابن سيده صاحب كتاب " المحكم " وكتاب " السماء والعالم " الذي إن أعمى الله بصره فما أعمى بصيرته، وهل لكم في النحو مثل أبي محمد ابن السيد وتصانيفه ومثل ابن الطراوة، ومثل أبي علي الشلوبين الذي بين أظهرنا الآن، وقد سار في المغارب والمشارق ذكره، وهل لكم في علوم اللحون والفلسفة كابن باجة،


(١) م: فاسكتوا يا أهل العدوة.
(٢) ب: العلماء.
(٣) انظر ج ٢: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>