ذات بهجة وابتسام، حتى أناخ بهم الحمام، وعطل من محاسنهم الوراء والأمام، فنقل إلى العدم وجودهم، ولم يرع بأسهم جودهم، وكل ملك آدمي فمفقود، " وما نؤخره إلا لأجل معدود "، فأول ناشئة ملكهم، ومحصل الأمر تحت ملكهم، عظيمهم الأكبر، وسابقة شرفهم الأجل الأشهر، وزينهم الذي يعد في الفضائل بالوسطى والخنصر، محمد بن عباد، ويكنى أبا القاسم، واسم والده اسماعيل، ومن شعره قوله:
يا حبذا الياسمين إذ يزهر فوق غصون رطيبة نضر
قد امتطى للجبال ذروتها فوق بساط من سندس أخضر
كأن والعيون ترمقه زمرد في حلاله جوهر
ولنذكر كلام ابن اللبانة وغيره في حقهم فنقول: وصف المعتضد رحمه الله تعالى بما صورته (١) : المعتضد أبو عمرو عباد رحمه الله تعالى، لم تخل أيامه في أعدائه من تقييد قدم، ولا عطل سيفه من قبض روح وسفك دم، حتى لقد كانت في باب داره حديقة لا تثمر إلا رؤوساً، ولا تنبت إلا رئيساً ومرؤوساً، فكان نظره إليها أشهى مقترحاته، وفي التلفت إليها استعمل جل بكره وروحاته، فبكى وأرق، وشتت وفرق، ولقد حكي عنه من أوصاف التجبر ما ينبغي أن تصان عنه الأسماع، ولا يتعرض له بتصريح ولا إلماع، ومن نظمه عفا الله عنه:
أتتك أم الحسن تشدو بصوت حسن
تمد في ألحانها من الغناء المدني
تقود مني ساكناً كأنني في رسن
أوراقها أستارها إذا شدت في فنن
وقوله:
شربنا وجفن الليل يغسل كحله بماء صباح، والنسيم رقيق