ولنقتصر على هذا المقدار، ونرجع إلى أحوال لسان الدين رحمه الله تعالى وارتحاله، والاعتبار بحاله، فنقول:
ومما يناسب أن نذكره في هذا المحل ونثبته فيه ما حكاه العالم العلامة بلدينا سيدي أبو الفضل ابن الإمام التلمساني رحمه الله تعالى عن جدي الإمام قاضي القضاة سيدي أبي عبد الله المقري التلمساني رحمه الله تعالى، وهو أحد أشياخ لسان الدين كما يأتي إن شاء الله ذلك في محله، قال: كنت مع ذي الوزارتين أبي عبد الله ابن الخطيب في جامع إلبيرة من الأندلس إذ مر بنا الاعتبار، في تلك الآثار، فأنشد ابن الخطيب ارتجالاً (١) :
أقمنا برهة ثم ارتحلنا ... كذلك الدهر حال بعد حال
وكل بداية فإلى انتهاء ... وكل إقامة فإلى ارتحال
ومن سام الزمان دوام حال ... فقد وقف الرجاء على المحال انتهى.
وحكى لسان الدين في الإحاطة عن نفسه أنه خطط هذه الأبيات في مرحلة نزلها رحمه الله تعالى حسبما يأتي ذلك في شعره.
وما أحسن قوله رحمه الله تعالى:
لبسنا فلم نبل الزمان وأبلانا ... يتابع أخرانا على الغي أولانا
ونغتر بالآمال والعمر ينقضي ... فما كان بالرجعى إلى الله أولانا
وماذا عسى أن ينظر الدهر من عسا ... فما انقاد للزجر الحثيث ولا لانا
جزينا صنيع الله شر جزائه ... فلم نرع ما من سابق الفضل أولانا
فيا رب عاملنا بما أنت أهله ... من العفو واجبر صدعنا أنت مولانا