للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه: شكا بعض الصالحين إلى الخليفة ضرر الأتراك، فقال: أنتم تعتقدون أن هذا من قضاء الله وقدره، فكيف أرده فقال: إن صاحب القضاء قال: " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض " فردهم عنهم.

القدر والطلب كالعدلين على ظهر الدابة كل واحد منهما معين لصاحبه، فالقدر بالطلب، والطلب بالقدر.

قيل لعارف: إن كنت متوكلاً فألق نفسك من هذا الحائط فلن يصيبك إلا ما كتب الله لك، فقال: إنما خلق الله الخلق ليجربه، لا ليجربوه.

الجوهري: كف الله النار عن يد موسى لئلا تقول النار: طبعي، واحترق لسانه لئلا يقول الكريم: مكاني، وقال غيره: لو لم يقل لنار إبراهيم " سلاماً " لهلك من برد النار.

قيل للجنيد: أنطلب الرزق قال: إن علمتم أين هو فاطلبوه، قيل: فنسأل الله قال: إن خشيتم أن ينساكم فذكروه، قيل: فنلزم البيوت قال: التجربة منك شك، قيل: فما الحيلة قال: ترك الحيلة.

يقول: ليكن تصرفك بإذنه، لا بشهوتك، فقد قيل: ترك الطلب يضعف الهمة، ويذل النفس، ويورث سوء الظن.

الطرطوشي: القدر والطلب كأعمى ومقعد في قرية، يحمل الأعمى المقعد، ويدل المقعد الأعمى.

قال رجل لبشر: إني أريد السفر إلى الشام، وليس عندي زاد، فقال: أخرج لما قصدت إليه، فإنه إن لم يعطك ما ليس لك، لم يمنعك ما لك.

الناس في هذا الباب ثلاثة: فرقة عاملت الله عز وجل على مقتدر شمول قدرته للشر والخير، وأعرضوا عن الأسباب، فأدركوا التوكل، وفاتهم الأدب، وهم بعض الصوفية، وقد قيل: اجعل أدبك دقيقاً، وعلمك ملحاً، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>