للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي وإذا ما لمته لمته وحدي

يقول: إذا ما جرى لساني بمدحه رأيت الناس عامة ألسنة مدح وثناء معي لفيض إنعامه، وعموم أياديه، وإذا ما هممت بلومه لم يتبعني فيها أحد لعدم وجود ما يقتضيه. والشاهد في قوله: "أمدحه أمدحه" فإن في اجتماع هاتين الكلمتين ثقلا عند النطق بهما، يشعر به صاحب الذوق السليم١.

ضعف التأليف:

هو أن يكون الكلام في تركيبه مخالفًا للمشهور من قوانين النحو التي اعتمدها جمهور النحاة، كالإتيان بالضمير متصلًا بعد "إلا" وكالإضمار قبل ذكر المرجع لفظًا, أو معنى، أو حكمًا.

فمثال الأول قول الشاعر:

وما علينا إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلاك ديار٢

والأصل أن يقال: إلا إياك.

ومثال الإضمار قبل الذكر قول حسان بن ثابت يرثي مطعم بن عدي:

ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدًا ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما

يقول: لا بقاء لأحد في الدار الدنيا, سواء في ذلك الرفيع والرضيع، ولو أن المجد يخلد صاحبه لبقي مطعم على مدى الدهر، يريد: أنه كان ماجدًا نبيلًا.

والشاهد في المصراع الثاني حيث أضمر قبل ذكر المرجع لفظًا، ومعنى، وحكمًا, ذلك أن الضمير في "مجده" راجع إلى "مطعم" وهو لم يذكر قبل الضمير لفظًا، وهو ظاهر، ولا معنى لأنه مفعول به، فمرتبته التأخير، ولا حكمًا لأنه محكوم عليه بالتأخر لمفعوليته.


١ ذكر الصاحب بن عباد أنه أنشد هذه القصيدة بحضرة ابن العميد, فلما بلغ هذا البيت قال له ابن العميد: هل تعرف فيه شيئًا من الهجنة؟ قال: نعم مقابلة المدح باللوم، وإنما يقابل بالذم أو الهجاء، فقال ابن العميد: غير هذا أريد، فقال الصاحب: لا أدري غير ذلك، فقال ابن العميد: هذا التكرار في "أمدحه" مع الجمع بين الحاء والهاء خارج عن حد الاعتدال، نافر كل التنافر, فأثنى عليه الصاحب.
٢ ومنه قول الشاعر:
ليس إلاك يا علي همام ... سيفه دون عرضه مسلول

<<  <  ج: ص:  >  >>