للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» (١).

وَالذِي عَلَيهِ إِجماعُ السَّلفِ الصَّالحِ مِنَ الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- وَالتَّابعِينَ لَهم بِإحسَانٍ: أَنَّ القرانَ كلامُ اللهِ غَيرُ مَخلوقٍ؛ حُرُوفه وَمَعَانِيه، مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ نَزَلَ بِهِ جِبريلُ -عليه السلام- إِلَى نَبِيِّنَا -صلى الله عليه وسلم-.

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية رحمه الله: «وَمَذْهَبُ سَلَفِ الأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَخَلَفِهَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعَ القُرْآنَ مِنْ جِبْرِيلَ، وَجِبْرِيلُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ -عز وجل-» (٢).

ثم قال: «الآثار مُتواترة عنهم- أي: عن الصحابة والتابعين- بأنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله، ولمَّا ظهر مَنْ قال: إنه مخلوق، قالوا ردًّا لكلامه: إنه غير مخلوق، ولم يريدوا بذلك أنه مُفترى، كما ظنه بعض الناس؛ فإن أحدًا من المسلمين لم يَقل: إنه مفترى، بل هذا كفر ظاهر يَعلمه كل مسلم، وإنَّما قالوا: إنه مخلوق خلقه الله في غيره، فرَدَّ السلف هذا القول، كما تواترت الآثار عنهم بذلك، وصنفوا في ذلك مصنفات متعددة، وقالوا: «منه بدأ وإليه يعود».

وأوَّل مَنْ عُرف أنه قال: مخلوق- الجعد بن درهم وصاحبه الجهم بن صفوان.

وأول مَنْ عُرف أنه قال: هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب، ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول؛ فمنهم مَنْ قال: الكلام معنى واحد قائم بذات الرَّبِّ، ومعنى القرآن كله والتوراة والإنجيل وسائر كتب الله وكلامه هو ذلك المعنى الواحد الذي لا يَتعدد ولا يتبعض،


(١) أخرجه أبو داود (٤٧٣٤)، والترمذي (٢٩٢٥)، وابن ماجه (٢٠١)، والحاكم (٢/ ٦٦٩) وصححه، من حديث أبي هريرة ?، وقال في «المجمع» (٦/ ٣٥): «رجاله ثقات».
(٢) «مجموع الفتاوى» (٥/ ٢٣٣).

<<  <   >  >>