والقرآن العربي لم يتكلم الله به، بل هو مخلوق خلقه في غيره.
وقال جمهور العقلاء: هذا القول معلوم الفساد بالاضطرار؛ فإنَّه مِنْ المعلوم بصريح العقل أن معنى (آية الكرسي) ليس معنى (آية الدَّيْن)، ولا معنى {قل هو الله أحد} معنى {تبت يدا أبي لهب وتب}؛ فكيف بمعاني كلام الله كله في الكتب المنزلة وخطابه لملائكته وحسابه لعباده يوم القيامة وغير ذلك من كلامه؟!
ومنهم مَنْ قال: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة أزلية لازمة لذاته لم يَزل ولا يزال موصوفًا بها.
وكلا الحزبين يقول: إن الله تعالى لا يتكلم بمشيئته وقدرته، وإنه لم يزل ولا يزال يقول: يا نوح، يا إبراهيم، يا أيها المزمل، يا أيها المدثر، ولم يقل أحد من السلف بواحد من القولين، ولم يقل أحدٌ من السلف: إنَّ هذا القرآن عبارة عن كلام الله، ولا حكاية له، ولا قال أحد منهم: إن لفظي بالقرآن قديم أو غير مخلوق، فضلًا عن أن يقول: إن صوتي به قديم أو غير مخلوق؛ بل كانوا يقولون بما دلَّ عليه الكتاب والسنة من أن هذا القرآن كلام الله، والناس يَقرءونه بأصواتهم، ويكتبونه بمدادهم، وما بين اللوحين كلام الله، وكلام الله غير مَخلوق» (١).
وقالَ ابنُ القيِّمِ -رحمه الله- فِي نونيتِهِ:
وَكَذِلِكَ القرآنُ عَينُ كَلَامِهِ الـ … مَسمُوع مِنهُ حَقِيقَة بِبَيَانِ