للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وقول عبد الله بن مسعود: «كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا»: كلامٌ جامع، بيَّن فيه حُسن قَصدهم، ونيَّاتهم ببر القلوب، وبيَّن فيه كمال المعرفة، ودقتها بعمق العلم، وبيَّن فيه تيسير ذلك عليهم، وامتناعهم من القول بلا علم بقلة التكلف … وهم أفضل الأمة الوسط الشهداء على الناس، الذين هداهم الله لما اختُلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم؛ فليسوا مِنْ المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم، ولا من الضالين الجاهلين … بل لهم كمال العلم، وكمال القصد؛ إذ لو لم يكن كذلك للزم أن لا تكون هذه الأمةُ خيرَ الأمم، وأن لا يكونوا خيرَ الأمة، وكلاهما خلاف الكتاب والسُّنَّة.

وأيضًا فالاعتبار العقليُّ يدلُّ على ذلك؛ فإنَّ مَنْ تأمَّل أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتأمل أحوال اليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين- تبيَّن له مِنْ فضيلة هذه الأمة على سائر الأمم في العلم النافع والعمل الصالح ما يضيق هذا الموضع عن بسطه.

والصحابة أكمل الأمة في ذلك بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، ولهذا لا تجد أحدًا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله، وتَجد مَنْ ينازع في ذلك كالرافضة من أجهل الناس. ولهذا لا يُوجد في أئمة الفقه الذين يُرجع إليهم رافضي، ولا في أئمة الحديث، ولا في أئمة الزهد والعبادة، ولا في الجيوش المؤيدة المنصورة جيش رافضي، ولا في المُلوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا عدوَّه مَنْ هو رافضي، ولا في الوزراء الذين لهم سِيرة محمودة مَنْ هو رافضي … » (١).


(١) «منهاج السنة النبوية» (٢/ ٧٩ - ٨١).

<<  <   >  >>