للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الآية. وأين في هذا السياق: رابع ثلاثة، سادس خمسة؟ وكان حقه اللائق بمراده أن يقول: رابع كل ثلاثة في نجواهم، وسادس كل خمسة كذلك، فإنَّه- تعالى- يعلم أفعالهم ويسمع أقوالهم، كما هو مفهوم من صدر الآية، ولكن لا يليق بهذا المعنى إلا سياق الآية، والله تعالى أعلم (١).

هذا، وقد زلَّت في هذا الباب فِرَقٌ شتى، وقد أرجع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اختلافهم إلى قولين؛ فقال: «والناس متنازعون: هل يُسَمَّى الله بما صح معناه في اللغة والعقل والشرع وإن لم يَرد بإطلاقه نص ولا إجماع، أم لايُطلق إلا ما أطلق نصًّا أو إجماعًا، على قولين مشهورين:

١ - فعامة النُّظَّار- أي: أهل الكلام- يُطلقون ما لا نص في إطلاقه ولا إجماع؛ كلفظ (القَديم) و (الذات) ونحو ذلك.

٢ - ومِن الناس مَنْ يَفْصِل بين الأسماء التي يُدعى بها، وبَين ما يُخبر به عنه للحاجة؛ فهو- سبحانه- إنَّما يُدعى بالأسماء الحسنى، كما قال: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.

وأمَّا إذا احتيج إلى الإخبار عنه مثل أن يقال: ليس هو بقديم ولا موجود ولا ذات قائمة بنفسها، ونحو ذلك. فقيل: بل هو سبحانه قديم موجود وهو ذات قائمة بنفسها. وقيل: ليس بشيء. فقيل: بل هو شيء. فهذا سائغ، وإن كان لا يُدعى بمثل هذه الأسماء التي ليس فيها ما يدلُّ على المدح» (٢).


(١) «معارج القبول» (١/ ٧٦، ٧٨).
(٢) «رسالة في العقل والرُّوح» لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢/ ٤٦، ٤٧)، (مطبوعة ضمن الرسائل المنيرية).

<<  <   >  >>