للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتَوَقَّف الجُويني في هذه المسألة؛ فهو يَرى أنَّ الجواز وعدمه حكمان شرعيَّان لا سبيل إلى إطلاق أحدهما إلا بإذن الشرع، ولم يأت، ولذا قال بالتَّوَقُّف (١).

قال السَّفَّاريني: «الجمهور منعوا إطلاق ما لم يَأذن به الشرع مطلقًا، وجَوَّزه المعتزلة مطلقًا، ومال إليه بعضُ الأشاعرة؛ كالقاضي أبي بكر الباقلاني، وتوقَّف إمامُ الحرمين الجوينى .. » (٢).

غير أنَّ مُعتقد أهل السنة في الأسماء والصفات قد قام على أساس وجوب الإيمان بما وردت به نصوصُ القرآن والسنة الصحيحة من أسماء الله وصفاته إثباتًا ونفيًا.

وهذا الأساس لابد فيه من مراعاة ما يلي:

أولاً: أنَّ طلب العلم في المطالب الإلهية إنما يكون عن طريق الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة.

فالذي يجب اعتقاده هو أنَّ معرفة هذا النوع من أنواع التوحيد تتوقف على دراسة الكتاب والسُّنَّة؛ لأن هذا التوحيد يتطلب أسماء وصفات معينة، وهذه لا سبيل إلى معرفتها والحصول عليها إلا من طريق الكتاب والسنة؛ «فنحن نؤمن بالله تعالى وبما أخبر به عن نفسه سبحانه على ألسنة رسله من أسمائه الحسنى وصفاته العلى بلا تكييف ولا تمثيل، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه مما لا يليق بجلاله وعظمته؛ فإنَّه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأبين دليلاً من غيره» (٣)، ولذلك كان معتقد أهل السنة هو الإيمان بما سمى ووصف


(١) «الإرشاد» (ص ١٣٦، ١٣٧).
(٢) «لوامع الأنوار البهية» (١/ ١٢٤).
(٣) «معارج القبول» (١/ ٣٣٠، ٣٣١).

<<  <   >  >>