للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(فإن قيل) : فهل لهذا عذر في ضلاله إذا كان يحسب أنه على هدى، كما

قال تعالى: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}

(قيل) : لا عذر لهذا وأمثاله من الضلال الذين منشأ ضلالهم الإعراض عن الوحي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو ظن أنه مهتد فإنه مفرط بإعراضه عن إتباع داعي الهدى، فإذا ضل أوتى من تفريطه وإعراضه.

وهذا بخلاف من كان ضلاله لعدم بلوغ الرسالة وعجزه عن الوصول إليها فذاك له حكم آخر والوعيد في القرآن إنما يتناول الأول المعرض. وأما الثاني فإن الله لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه كما قدمنا.

وقال تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً} .

وقال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً}

وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} أي لم يتبع الذكر الذي أنزلته وهو القرآن.

وليس المعنى ومن أعرض عن أن يذكرني بل هذا لازم المعنى فالذكر هنا مضاف إضافة الأسماء لا إضافة المصادر إلى معمولاتها {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} . فأخبر سبحانه أن من أعرض عن ذكره وهوالهدى الذي من اتبعه

<<  <   >  >>