للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم الشرع الذي أنزل الله ويجب على كل حكام المسلمين العمل به، كما أنه عدل كله، رحمة كله، ومصلحة كله، وحكمة كله، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشرع وإن أدخلت فيه بشبهة. فليس في الشرع ظلم أو قسوة أو عبث أصلا بل حكم الله أحسن الأحكام كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} .

فكل من حكم بما أنزل الله فقد حكم بالعدل، وكل من حكم بغيره فقد ظلم: ومن لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله واستحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير إتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه لا عبرة بما يراه عدلا من غير أن يكون موافقا لما أنزل الله، إذ ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، لكن قد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعادتهم الجارية بينهم التي لم ينزلها الله، كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر.

فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهالا ضلالا لا يعلمون.

والحاصل، أن الحكم بالعدل واجب مطلقا في كل زمان ومكان على كل أحد ولكل أحد، والحكم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو أكمل أنواع العدل وأحسنها، والحكم به واجب على النبي صلى الله عليه وسلم وكل من اتبعه.

<<  <   >  >>