للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: "إن من أفرى الفري من قولني ما لم أقل". أخرجه البخاري وقد تقدم.

ويؤدي مع ذلك إلى العمل عند جهلة الناس كما نسمع من بعض الناس في بعض الأحيان إذا سئلوا عن عمل استدلوا عليه بحديث، فإذا نظر ذلك الحديث وجد أنه من الموضوعات.

ولما سئل السيوطي رحمه الله عن حديث موضوع استغفر الله عز وجل قبل إيراده وبعد إيراده وقال: "علي ذلك ولولا الضرورة إلى حكايته لأجل بيان أنه كذب ما حكيته" ثم قال بعد بيان بطلانه: "لا تحل روايته ولا ذكره وخصوصاً بين العوام والسوقة والنساء"١.

وابن حجر لما أورد حديثاًُ لأبي الدرداء في فضل صيام أيام من رجب قال: "وهذا حديث موضوع ظاهر الوضع قبح الله من وضعه فوالله لقد قف شعري من قراءته في حال كتابته فقبح الله من وضعه، ما أجرأه على الله وعلى رسوله"٢.

فظهر بهذا أنه لا تجوز رواية الأحاديث التي لا أصل لها إلا مقرونة ببيان حالها لئلا يغتر بها، ولأنه لو سكت عن ذلك مع العلم به لكان آثماً، وكان له نصيبه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال مسلم- بعد بحث عن وجوب الكشف عن معائب رواة الحديث وذكر أقوال الأئمة في ذلك: "- إنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معائب رواة الحديث، وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثماً بفعله ذلك غاشاً لعوام المسلين إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع"٣.

قال أبو بكر بن خلاد: "قلت ليحيى بن سعيد آما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت


١ تحذير الخواص ٧٢.
٢ تبيين العجب بما ورد في فضائل رجب ص ٣١.
٣ مقدمة صحيح مسلم١/٢٨.

<<  <   >  >>