للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القياس، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماع على خلافه كان العمل به عنده أولى من القياس. وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه على هذا الأصل من حيث الجملة، فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدم الحديث الضعيف على القياس١ وحمل القول بالعمل بالحديث الضعيف على الحسن غير هؤلاء"٢.

واعترض على من قال بأن الحديث الحسن لم يعرف إلا بالترمذي بأنه قد وجد في شيوخه وشيوخ شيوخه من استعمله في بعض عباراته.

وقال ابن الصلاح: "أن الحسن وجد التعبير به في كلام شيوخ الطبقة التي قبل الترمذي كالشافعي"٣.

قال الحافظ ابن حجر: "قد وجد التعبير بالحسن في كلام من هو أقدم من الشافعي".

قال إبراهيم النخعي: "كانوا إذا اجتمعوا كرهوا أن يخرج الرجل حسان حديثه. وقيل لشعبة كيف تركت أحاديث العرزمي وهي حسان؟ قال: من حسنها فررت".

ووجد هذا من أحسن الأحاديث إسناداً في كلام علي بن المديني، وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم ويعقوب بن شيبة وجماعة.

لكن منهم من يريد بإطلاق ذلك المعنى الإصطلاحي، ومنهم من لا يريده. فأما ما وجد في ذلك في عبارة الشافعي ومن قبله بل وفي عبارة أحمد بن حنبل فلم يتبين لي منهم إرادة المعنى الإصطلاحي، بل ظاهر عبارتهم خلاف ذلك.

فإن حكم الشافعي على حديث ابن عمر رضي الله عنهما في استقبال بيت المقدس حال قضاء الحاجة بكونه حسناً خلاف الإصطلاح بل هو صحيح متفق على صحته٤.

ثم نقل قولي أحمد في حديث أم حبيبة في نقض الوضوء بمس الذكر وذلك أنه قال فيه مرة: "أصح ما قيل فيه حديث أم حبيبة وقال مرة أخرى: "هو حديث حسن". فعقبه الحافظ


١ أعلام الموقعين: ١/ ٣١.
٢ فتح المغيث: ١/٨٠.
٣ النكت ١/٤٢٤.
٤ النكت ١/ ٤٢٤- ٤٢٥ وراجع في حديث ابن عمر والبخاري: الوضوء، باب من تبرز على لبنتين (فتح الباري ١/ ٢٤٧) ومسلم: الطهارة، باب الاستطابة: ١/ ٢٢٥.

<<  <   >  >>