للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدين. وفق الله الجميع لكل خير.

وأخيراً، وعوداً على بدء أقول: إن من الاستعداد للقاء الله والدار الآخرة ـ مع ما سبق ذكره ـ أن يكون الإنسان كلما تقدم به العمر أكثر تنظيماً لأحواله وتفرغاً لعبادة ربه، فإن الله عز وجل في هذه السورة العظيمة سورة النصر آذن رسوله صلى الله عليه وسلم بقرب وفاته، وبانتهاء مهمته في هذه الحياة, وأمره بالتوجه إلى الله والتفرغ لتسبيح الله وحمده واستغفاره، كما قال تعالى في سورة الانشراح: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} ١.

ولن يتيسر ذلك للإنسان إلا إذا اكتفى من التعلق بالدنيا بما تدعو الحاجة إليه، وهو نصيبه من الدنيا، كما قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} ٢.

وأنت أخي المسلم أحد رجلين: إما منعّم موسع عليه في رزقه، وإما مبتلى مضيّق عليه في ذلك ـ كما ذكر الله عز وجل٣، فإن كنت ممن ابتلي بضيق الحال، وقلة ذات اليد، وتحتاج إلى الكد والعمل الساعات الطويلة للسعي في طلب الرزق، لإعفاف نفسك وأهل بيتك، مما لا تستطيع معه التفرغ للعبادة فالزم أداء الفرائض واجتناب النواهي مع القيام بما قدرت عليه من النوافل، وأبشر بالخير فإنك مثاب مأجور على طلب الرزق لإعفاف نفسك بإذن الله عز وجل فإن السعي لطلب الرزق من طاعة الله تعالى وعبادته.


١ سورة الانشراح، الآيتان: ٧، ٨.
٢ سورة القصص، آية: ٧٧.
٣ في قوله تعالى {فَأَمَّا الآنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} سورة الفجر، الآيتان: ١٥ ـ ١٦.

<<  <   >  >>