لابد من أن يكون ذلك قرآناً إذ لا جواز للصلاة بدون قرآن وبالإجماع وحينئذ لايكون الحد المذكور متناولاً له
لعدم إمكان كتابة المعنى المجرد في المصحف ونقله بالتواتر وما تعلق المعنى به في العبارة الفارسية مثلاً ليس بمكتوب في المصحف ولا منقول بالتواتر أيضاً فلا يكون الحد جامعاً أولا يكون المعنى بدون النظم قرآنا فينبغي أن لا تجوز الصلاة.
قلنا إنما جاز الاكتفاء بالمعنى عنده إما لقيام المعنى المجرد في الصلاة مقام النظم والمعنى أو لقيام العبارة الفارسية الدالة على معنى القرآن مقام النظم المنقول كما قال أبو يوسف ومحمد في حالة العذر فيكون النظم المنقول المكتوب موجوداً تقديرا وحكما فيدخل تحته الحد ويكون الحد جامعاً ويفسر قوله المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلاً متواتراً بالكتابة والنقل حقيقة أو تقديراً أو نقول هو يسلم أن المعنى بدون النظم ليس بقرآن ولكن لا يسلم أن جواز الصلاة متعلق بقراءة القرآن المحدود بل هو متعلق بمعناه ويحمل قوله:{فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن} على أن المراد وجوب رعاية المعنى دون النظم لدليل لاح له فلا يرد الإشكال"١.
فبرجوع أبي حنيفة عما كان يقول به من اعتبار الترجمة قرآنا في الصلاة على الرأي المفتى به في المذهب الحنفي اجتمعت كلمة المسلمين في الجملة على أن القرآن إنما هو النظم العربي والمعنى معا سواء كان ذلك بالنسبة للصلاة أو غيرها من الأحكام الشرعية. وقلنا في الجملة لأن فريقا من الأحناف ما يزال يعتقد أن الرأي ما ذهب إليه الإمام أولاً لأن رجوعه عن هذا الرأي لم يصح في تقديرهم.. وهذا رأي مرجوح في المذهب الحنفي.