للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وبمناسبة تقرير عبودية الملائكة لله تعالى أخبر الله عزّ وجلّ بما يدلّ على نفي إلهيتهم التي زعمها المشركون لهم فقال تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} . والشرط ههنا على سبيل الفرض، أي لو قاله أحد منهم مع العلم بأنهم لا يقولونه لأجل ما تقرّر من شدة خشيتهم لله. فالمقصود من هذا الشرط التعريض بالذين ادّعوا لهم الإلهية بأنّهم ادّعوا لهم ما لا يرضونه ولا يقولونه، وأنّهم ادّعوا ما يوجب لقائله نار جهنم على حد قوله تعالى في شأن النبي صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} i.

* لطائف:

- اللطيفة الأولى:

إنّ في الإتيان بصفة (الرحمن) لله تعالى في قوله: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً} تعرّضاً لعنوان الرحمانية لله -تعالى- المنبئة عن كون جميع ما سواه مربوباً له عزّ وجلّ بنعمه ومنعماً عليه برحمته العامة، وذلك لإبراز كمال شناعة مقالتهم الباطلة ii.

- اللطيفة الثانية:

إنّ في وصف الله تعالى للملائكة بأنهم {مُكْرَمُونَ} تنبيهاً على منشأ خطأ وغلط المشركين باعتقادهم أنهم بنات الله حيث أنّهم بمعرفتهم أنّ الملائكة مقرّبون من الله لِما هم عليه من الأحوال والصفات، فذلك هو الذي غرّهم في شأنهم وادّعوا ولديتهم لله تعالى عما يقولون علواً كبيراً iii.


i التحرير والتنوير لابن عاشور: ج١٧ ص٥٢. والآية في سورة الزمر رقم (٦٥) .
ii انظر: تفسير أبي السعود ج٦ ص٦٣.
iii انظر: تفسير أبي السعود ج٦ ص٦٣؛ الكشاف للزمخشري ج٣ ص٩.

<<  <   >  >>