فيحد الله له حداً ويتكرر منه ذلك عدة مرات. وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم وأبي داود قوله:" أنا أول شافع وأول مشفع وأول من ينشق عنه القبر".
وله صلى الله عليه وسلم: أنواع من الشفاعات في الآخرة كما ذكرنا أن له أنواعاً من الشفاعات في الدنيا ومعنى الشفاعة في كلتا الدارين لا يخرج عما ذكرنا من أنه طلب الدعاء ويلتقي معنى التوسل والشفاعة عند هذا المعنى بالذات كما اتضح مما تقدم. ومما يؤيد ما ذكرنا أن أصحاب رسول الله الذين رأيناهم يستشفعون برسول الله في حياته: رأيناهم مرة أخرى قد عدلوا عن التوسل والاستشفاع به عليه الصلاة والسلام بعد وفاته فجعلوا يتوسل بعضهم ببعض ويستشفع بعضهم ببعض:" ففي عام الرمادة أصيب أهل المدينة بجفاف فجمع عمر بن الخطاب المسلمين في صعيد واحد في المدينة فقال: اللهم إنا كنا إذا أجدينا نتوسل إليك بنبيك فتسقينا والآن نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فطلب من العباس عم النبي الدعاء فدعا الله فأغاثهم الله ".
وهكذا فعل معاوية بن أبي سفيان مع الأسود بن اليزيد عندما أصيب المسلمون في الشام بالقحط جمع الناس فطلب من الأسود بن اليزيد أن يدعو الله تعالى فدعا الله تعالى فأجاب دعاءه فأغاثهم الله تعالى ولو كان معنى التوسل عندهم كما يظن هؤلاء العوام وأشباههم من الذهاب إلى قبور الصاحين أو المراد بالتوسل بالصالحين هو التوسل بذواتهم لما عدلوا عنه عليه الصلاة والسلام بل لذهبوا إلى قبره فدعوا الله عند قبره أو توسلوا بذاته لأن جسده الطاهر لا يزال في قبره لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء كما صح ذلك عنه عليه الصلاة والسلام.
فعدولهم رضوان الله عليهم عنه واستشفاع بعضهم ببعض يؤيد ما قررنا من أن معنى الاستشفاع أو التوسل هو طلب الدعاء من الحي الصالح. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في صدد حديثه في هذا المعنى:"يقول العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الدين والصلاح. وإذا كان بأهل بيت الرسول فهو أحسن" كأن شيخ الإسلام يشير على صنيع عمر مع العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام حيث استسقى به لأنه عم النبي عليه الصلاة والسلام كان سر اختياره كونه من أهل بيت الرسول.