إذا أثبتنا أن ما ذهب إليه علماء الكلام وتبعهم فيه قوم آخرون أنه غير سليم لابد أن يطرح هنا هذا السؤال: ما هو الموقف السليم إذاً؟ ؟ !..
الجواب: بديهي أن الموقف السليم هو ذلك الذي كان عليه الرعيل الأول قبل أن يوجد علم الكلام بفروعه المتعددة.
وتوضيح ذلك أن السنة مثل القرآن في الاستدلال بها فيستدل بالسنة في كل مقام يستدل فيه بالقرآن، ولا يشترط لذلك إلا صحة الثبوت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا فرق بين متواترها وآحادها من حيث الاستدلال بالجملة وكل ما في الأمر أنه يقدم المتواتر على الآحاد في حالة التعارض كما يقدم الصحيح على الحسن عند التعارض وهذا معروف لدى طلاب العلم.
أما القول بأنه لا يستدل بالآحاد في باب العقيدة أو لا يستدل بالأدلة النقلية على وجه الاستقلال في هذا الباب فقول مبتدع في الإسلام.
ولنبرهن على صحة ما قررنا نذكر ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه من عدم اعتبار هذه الاعتبارات المحدثة التي أحدثها من أحدثها ليلبسوا بها على المسلمين السذج الذين لا يفرقون بين الشحم والورم وبين التمرة والجمرة.
١- بعث رسول الله معاذ بن جبل إلى اليمن ليدعوهم إلى الله ويبلغهم عن رسول الله وكان باليمن جماعة من أهل الكتاب: اليهود فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام كيف يعاملهم: وأمره أن يكون أول ما يدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله فإن هم أطاعوه في ذلك يخبرهم بأن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة الحديث:
ومما يلاحظ أن معاذاً كلف ليدعوهم إلى أصول الدين وفروعه معاً وهذا يعنى أن الإسلام لا يفرق بين باب العقيدة والأحكام فكما يجوز أن يبلغ فرد واحد الأحكام الشرعية كذلك يجوز أن يبلغ فرد واحد العقيدة الإسلامية فحيث تقبل أخبار الجماعة يقبل خبر الواحد العدل هذا ما درج عليه سلف هذه الأمة فرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى اليمن كأبي موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب ورسله إلى غير