للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام الخطبة للموحدين بجامع قادس (١)، وفي وسعنا أن نرجع بداية تدخل الموحدين في شئون الأندلس إلى هذا التاريخ، أعني إلى سنة ٥٤٠ هـ. وأما تدخل الموحدين العسكري في شئون الأندلس فيرجع وفقاً لقول ابن الأبار إلى أوائل سنة ٥٤١ هـ. وذلك أنه حينما وفد ابن قسي زعيم ثورة الغرب، على عبد المؤمن في ربيع الثاني سنة ٥٤٠ هـ، ليحثه على إنجاد ثوار الغرب، واستخلاص الأندلس من أيدي المرابطين، بعث عبد المؤمن في المحرم سنة ٥٤١ هـ جيشاً إلى الأندلس، ومعه ابن قسي. وهذا الجيش هو الذي افتتح طريف والجزيرة الخضراء، ثم سار بعد ذلك إلى شلب ليفتتحها من يد ابن وزير المتغلب عليها، وليعيدها إلى صاحبها ابن قسي (٢). بيد أننا قد بينا من قبل، أن عبور ابن قسي إلى المغرب، لابد أنه وقع بعد التاريخ الذي يحدده ابن الأبار بقليل، وذلك عقب فقد ابن قسي لحاضرته ميرتلة في شعبان سنة ٥٤٠، وأن هذا العبور قد وقع حسبما يرجح في أواخر سنة ٥٤٠ هـ (٣)، فهنا وجه عبد المؤمن أول جيش موحدي إلى الأندلس بقيادة برّاز بن محمد المسّوفي، وكان قبل من قادة الأمير تاشفين، ثم انحاز بعد مصرعه إلى الموحدين، ثم أمده بجيش آخر بقيادة موسى بن سعيد، ثم بجيش ثالث بقيادة عمر بن صالح الصنهاجي، وكانت مهمة الموحدين في شبه الجزيرة، أن يقاتلوا اللمتونيين، والثوار معاً. وكان عبور هذا الجيش الموحدي إلى الأندلس في شهر المحرم سنة ٥٤١ هـ. وبعد أن استولى الموحدون على طريف والجزيرة الخضراء، ساروا إلى مدينة شَريش حيث انضم إليهم صاحبها أبو الغمر بن عزون وولده. ثم ساروا إلى مدينة لَبلة، فأعلن صاحبها يوسف بن أحمد البطروجي الطاعة. وقصد الموحدون بعد ذلك إلى ميرتلة، حاضرة ابن قسي من قبل، وكانت عندئذ تحت سلطان منافسه سيدراي بن وزير فاستولوا عليها. ثم استولوا على شلب، وردوا أمرها إلى ابن قسي. وساروا بعد ذلك إلى باجة ثم إلى بطليوس، وكانا لنظر ابن وزير، وعلى بطليوس من قبله خاله عبد الله بن الصميل، فأعلن ابن وزير الطاعة، وأطلق سجينه محمد بن عمر بن المنذر أحد زعماء المريدين، وكان قد تغلب عليه وسجنه


(١) ابن خلدون ج ٦ ص ٢٣٣.
(٢) ابن الأبار في الحلة السيراء ص ٢٠٠.
(٣) ابن خلدون ج ٤ ص ١٦٦، وج ٦ ص ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>