للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صوب طليطلة؛ وهنالك لحق به الفتى واضح وسانشو غرسية في بعض قواته، ثم سار شمالا نحو أراضي ليون، وبعث واضحاً في قواته إلى مدينة سمورة، وكانت قد خربت منذ أيام المنصور، وليس فيها سوى قليل من النصارى يقيمون في بعض أبراجها، فقتل الرجال، وسبى النساء. وعاث عبد الملك بعد ذلك في أراضي ليون، وإلى جانبه سانشو غرسية، واقتحم أملاك بني غومس، ووصل في زحفه في جلِّيقية، إلى بلدة لونة الحصينة، واستولى في هذه الغزوات على كثير من الغنائم والسبي. ولكنه لم يحقق خلالها نتائج حربية ذات شأن (١).

وفي أواخر سنة ٣٩٦ هـ (صيف سنة ١٠٠٦ م) خرج عبد الملك إلى غزوته الرابعة. وتصف الرواية الإسلامية هذه الغزوة بأنها غزوة " بنبلونة "، وبعبارة أخرى " بنبلونة " عاصمة نافار. وتقول لنا إن عبد الملك سار بجيشه إلى سرقسطة ثم إلى وشقة، ثم إلى بربشتر، ومنها نفذ إلى أرض العدو. ولكن هذا الإتجاه الذي اتخذه الجيش الإسلامي، لا يحمل على الاعتقاد بأنه كان يقصد إلى نافار أو بلاد البشكنس، وإنما يبدو بالعكس أنه اتجه شمالا إلى أراضي ولاية " ريباجرسا " الصغيرة الواقعة شمال شرقي بربشتر، وهي إحدى ولايات البرنيه الفرنجية.

وتقول الرواية الإسلامية إن المسلمين اقتحموا في هذه الغزوة بسيط أبنيونش وشنت يوانش، (سان خوان) وعاثوا في أرض العدو قتلا وسبياً وحرقاً، ثم تقول لنا إن الجيش الإسلامي قد انقضت عليه يومئذ عاصفة مروعة من رعد وبرق ومطر غزير. تخللها قصف مفزع وبرد قارس، وخشى أن تكون سبباً في نكبته. ولكن تداركه لطف الله. وقفل عبد الملك راجعاً بجيشه إلى قرطبة. ولكن الشعب لم يبد في استقباله شيئاً من الحماسة، لضآلة النتائج التي ترتبت على هذه الغزوة، ولكونها لم تسفر عن شيء من الغنائم والسبي، التي كانت تملأ أسواق قرطبة أيام أبيه المنصور (٢).

ومما يتصل بأخبار هذه الغزوة، أن عبد الملك عرج في طريق العودة على مدينة سالم، وقضى بها عيد الأضحى، وهنالك وافاه سفير من قبل قيصر


(١) راجع أخبار هذه الغزوة في الذخيرة. القسم الرابع، المجلد الأول ص ٦٥؛ والبيان المغرب ج ٣ ص ١١ و١٢.
(٢) البيان المغرب ج ٣ ص ١٢ و١٣؛ وأعمال الأعلام ص ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>