للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألقاب السلطانية، فتقدم إلى الخليفة هشام، على أثر عوده من غزوة قلونية، والتمس إليه إخراج الأمر له، بأن يتسمى " بالمظفر " وهو اللقب الذي اختاره وآثره، وأن يكنى في سائر ما يذكر عنه " بأبى مراون "، وأن ينعم على ابنه الغلام محمد، الذي منح لقب الوزارة، بلقب " ذي الوزارتين "، ويعلي بذلك مرتبته على سائر الوزراء، وأن يكنى بأبى عامر، كنية جده، وكان الخليفة يقيم يومئذ عند الحاجب بقصر الزاهرة، في الجناح الفخم الذي أنشىء وقتها، ففي منتصف المحرم سنة ٣٩٨ هـ، تحرك الخليفة خفية إلى قصر ناصح من قصور الزاهرة، واستدعى حاجبه، وفاوضه فيما أراد. ولما انصرف من لدنه، اتبعه في الحال بمرسوم التكريم الذي التمسه، فأذاع عبد الملك نص المرسوم، وبعث بالكتب للعمل به، وإليك نص هذا المرسوم، وقد زعم البعض أنه كان بخط الخليفة هشام نفسه:

" بسم الله الرحمن الرحيم. من الخليفة هشام بن الحكم المؤيد بالله، أتم الله عليك نعمه، وألبسك عفوه وعافيته، إنا أريناك ... من صنع الله الجسيم، وفضله العظيم، لنا عليك ما شفى الصدور، وأقر العيون، فاستخرنا الله سبحانه في أن سميناك المظفر؛ فنسأل الله تعالى سؤال إلحاف وضراعة وابتهال، أن يعرفنا وإياك بركة هذا الاسم، ويحليك معناه، ويعطينا وإياك وكافة المسلمين، فضل ما حملت منه، وأن يخير لنا ولهم في جميع أقضيته، ويقرنه بيمنه وسعادته، بمنه وخفي لطفه، وكذلك أبحنا التكني في مجالسنا ومحافلنا، وفي الكتب الجارية منك وإليك، في أعمال سلطاننا، وسائر ما يجري فيه اسمك معنا ودوننا، إنافة بمحلك لدينا، ودلالة على مكانك منا، وكذلك ما شرفنا به فتاك أبا عامر، محمد ابن المظفر تلادنا، أسعده الله، بالإنهاض إلى خطة الوزارتين، وجمعناه بها في التكني على المشيخة والترتيب، وآثرك في الدولة، وأنت الحقيق منا بذلك كله، وبجميل المزيد عليه، لأنك تربيتنا، وسيف دولتنا، وولي دعوتنا، ونشىء نعمتنا، وخريج أدبنا، فأظهر ما حددناه لك في الموالي، وأهل الخدمة، واكتب بها إلى أقطار المملكة، وتصدقه بشكر النعمة، أحسن الله توفيقك، وأمتعنا طويلا بمعافاتك، وآنسنا ملياً بدوام سلامتك، إنه ولي قادر عزيز قاهر ".

وكانت الكتب تخرج من قبل عبد الملك على النحو الآتي: " من الحاجب

<<  <  ج: ص:  >  >>