عليه، (فطرب وجلس يشرب.. وأمر له بصلة وحملان وقال: ليته- إبليس- أمتعنا بنفسه يوما واحدا كما أمتعك) ٢٣٠-٢٣.
ولقد يغلب على الظن أن خبر القطين لم يكن غير رؤيا عرضت لإبراهيم بدافع من انشغاله النفسي بأصداء الغناء، ولكن خبر إبليس يتجاوز هذه الدائرة إذ سمع صوتَه سكانُ البيت فلم يقتصر عليه وحده!.. فلم يبق أمامنا إلا الحكم بأنه من مخترعات الأصفهاني، أو من نقل عنه.. ولكن مجرد روايته لهذا الضرب من التكاذيب كاف لرد شهادته في كل أو معظم ما ينفرد به من الروايات..
على أن الأصفهاني قد أدرك أن مثل هذه الأعاضيه من شأنه أن يهز الثقة به عند من يحسنون به الظن، فتدارك ذلك بالتبرؤ تبعتها بأن علقها على ذمة محدثه- ابن الأزهر- وأتبع ذلك بقوله: هكذا حدثنا بهذا الخبر وما أدري ما أقول فيه. ولعل إبراهيم صنع هذه الحكاية لينفق بها أو صيغت أو حُكيت عنه. "ويختم تعليله بإمكان رد الخبر كله إلى الرؤيا.. ولكن هذا الرد يظل مجروحاً بعد الذي ادعاه إبراهيم من سماع أهل بيته لألحان ذلك الإبليس..
ونحن لا يعنينا من القصة الابليسية! إلا ما تحمله من اعتراف الموصلي بعمله وزمرته في خدمة الشيطان، وهو ما يؤكده في العديد من مواقفه، وأقربها إلى الذاكرة ذلك الخبر الذي يرويه حفيده، حماد بن إسحاق عن جده إبراهيم حيث يقول: إنه دخل عليه وهو يلقي على تلميذه مخارق صوتا، فلما أتقنه مخارق جعل إبراهيم يبكي- فرحا- ثم قال: يا مخارق نعم وسيلةُ ابليسَ أنت في الأرض.. أنت بعدي والله صاحب اللواء في هذا الشأن ١٩٨/٥.
أجل والله إنها للمدرسة التي تحت رايتها يحقق عدو الله ما يعجز عنه المئون من المخربين..
إنها لَلْمدرسة التي أعد بها إبراهيم جيلا من الساحرين والساحرات يضمن بهم استمرار المسيرة الابليسية ... وحسبه شرفا، بشهادة الأصفهاني عن ولده اسحق أنه (أول من علم الجواري المُثمَّنات فإنه بلغ بالقيان كل مبلغ ورفع من أقدارهن) - ١٧٠. وخرج رسول الرشيد ذات ليلة إلى المغنين يأمرهم بأن يغنوا بهذين البيتين: