للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذه الطريق أكد أن البديع لم يكن بدعاً مستحدثاً، وغنما كان الفضل فيه للقدماء، فالبديع إذن جزء من الموروث الكبير، وهو بهذا ذو أصول راسخة، وليس العيب فيه وإنما العيب في الإفراط في استخدامه، والإفراط مذموم في كل الأمور.

لهج ابن المعتز بالبديع في مجالسه الخاصة

وقد عرف ابن المعتز بين أبناء عصره باللهج بالبديع والإحساس الدقيق في استكشاف نماذجه وبحثه عنها في الأدب العربي القديم، حتى كانوا يسلمون له السبق في هذا الميدان؛ قال فيه الصولي أنه " كان يتحقق بعلم البديع تحققاً ينصر دعواه فيه لسان مذاكراته " (١) . ويروي الحاتمي عن الصولي أن ابن المعتز سال بعض المجتمعين في مجلسه من فرسان الشعر: ما احسن استعارة للعرب اشتمل عليها بيت من الشعر؟ فقال الأسدي، قول لبيد:

وغداة ريح قد وزعت وقرة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها فجعل للشمال يداً وزماناً؛ قال أبو العباس (أي ابن المعتز) : هذا حسن وغيره أحسن منه، وقد أخذه من قول ثعلبة بن صعير المازني:

فتذكرت ثقلاً رثيداً بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر

قال: وقول ذي الرمة اعجب إلي منه وغن تأخر زمانه:

ألا طرقت مي هيوماً بذكرها ... وأيدي الثريا جنح للمغارب وقال بعضهم: بل قول لبيد:


(١) حلية المحاضرة: الورقة ٧ (رقم ٥٩٠) .

<<  <   >  >>