للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عن ركوب الشعراء للضرورات والجوازات، ومن ملاحظاته التي تستحق التنويه قوله في تفاوت الشعراء " وقد يكون شاعر أشعر وشعر أحلى وأظرف فأما أن تتفاوت الأشعار القديمة حتى يتباعد ما بينها في الجودة فلا " (١) ، وهو يرى أن الاختيار الذي يزاوله الناس إنما هو شهوات، كل يستحسن شيئاً حسب شهوته (٢) ؛ والتعبير عن اختلاف الأذواق بالشهوات أمر طريف حقاً، قد يومئ إلى أن أبن فارس - وهو اللغوي الذي يهمه الشعر للاستشهاد - لم يكن يرى أن هناك أشياء تجمع عليها الأذواق المتباينة.

النقد في اختيار الخالدين المسمى الأشباه والنظائر

وقد ذهبت بعض الجهود النقدية في اتجاه عملي، يمثل النقد فيه ناحية ضمنية أو شبه ضمنية وخاصة في كتب الاختيار؛ ومن أهم المختارات العامة حماسة الخالديين التي تسمى " الأشباه والنظائر "، ويمثل هذا الكتاب عودة إلى إبراز روائع الشعر الجاهلي وشعر المخضرمين حين وجد المؤلفان أن إقبال الناس على المحدثين قد طغى على كل ما عداه، وقد رسما لهما منهجاً هو العدول عن شعر المشاهير لكثرتها في أيدي الناس، على أنهما لم يخليا كتابهما من بعض الشعر المحدث، وكان من أهم الشئون النقدية التي وقفا عندها التنبيه إلى المعاني المخترعة والمتبعة، وذكر النظائر والأشباه وتبيان المعنى المسروق (٣) ؛ وتعليقات الخالديين تتفاوت بين شرح للمعنى أو التنويه بحسن التشبيه أو حسن التقسيم أو جودة المعنى وأشباه ذلك؛ وهما لا ينتقصان الشعر المحدث، بل يريان أن أشعار المحدثين وتدقيقهم في المعاني أضعاف ما للمتقدمين إلا أن المتقدمين لهم الاختراع وللمحدثين


(١) الصاحبي ٢٧٥.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) الأشباه والنظائر ٣: ٣.

<<  <   >  >>