للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأشياء بلطيف فكره (١) ؛ وقد وعد أبن أبي عون أن يتبع كتابه في التشبيهات بكتاب في الاستعارة وكتاب في الأمثال؛ وهذه قسمة للشعر عجيبة، كما أن قول أبن أبي عون أن التشبيه أصعب من الاستعارة أو من المثل السائر، ربما لم يقره الذين يمارسون صنعة الشعر. وقد كثرت العناية بالتشبيه في القرن الرابع وأفردت فيه مؤلفات، منها كتاب لحمزة بن الحسن، وكتاب " روائع التوجيهات في بدائع التشبيهات " لنصر بن يعقوب، الذي ألف أيضاً كتاب " ثمار الأنس في تشبيهات الفرس " (٢) ؛ وإن التوفر على التشبيهات في المشرق والمغرب، يدل على أن الاهتمام بالصورة الأدبية، هو الذي أخذ يسيطر على الذوق العام، إلى أن تتضاءل القصيدة في نظر النقاد بحيث تصبح عدداً من الصور المختارة لروعتها.

السرقات في نقد القرن الرابع

وقد شغل النقد في القرن الرابع كثيراً بالكشف عن السرقات؛ وسوف يتضح هذا في النقد الذي دار حول أبي تمام والبحتري والمتنبي؛ غير أن هناك شعراء آخرين ألفت كتب في الحديث عن سرقاتها، ومما وصلنا في هذا الموضوع " سرقات أبي نواس " لمهلهل بن يموت بن المزرع (- ٣٣٤) ؛ وتذكر المصادر كتاباً عاماً في السرقات لجعفر بن محمد أبن حمدان الموصلي (- ٣٢٣) ، يقول أبن النديم؛ ولم يتمه، ولو أتمه لاستغنى الناس عن كل كتاب في معناه (٣) . ولعل التأليف في السرقات يربو على المؤلفات في أي موضوع آخر.

وسنتحدث في الصفحات التالية عن أهم الظواهر النقدية في القرن الرابع،


(١) التشبيهات: ٢.
(٢) اليتيمة ٤: ٣٨٩ - ٣٩٠.
(٣) الفهرست.

<<  <   >  >>