للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

البلاغة، لأنها تابعة للمعاني، أما الأسجاع فالمعاني تابعة لها " (١) .

ولا ينكر الرماني أن بعض العبارات - من غير القرآن - تبلغ حداً بعيداً من البلاغة، ولكن حكم الإعجاز لا يجري عليها غلا حتى ينتظم الكلام بحيث يكون كأقصر سورة او أطول آية، وعند ذلك يظهر حكم الإعجاز (٢) .

وإذا كان الرماني قد استطاع إجراء المقارنة بين بعض صور الإيجاز في كل من القرآن وكلام البلغاء وبين فضل الإيجاز في القرآن على غيره فإنه لم يفعل ذلك عندما درس بقية الأقسام البلاغية، فلم يبين مثلاً لماذا كانت هذه الاستعارة القرآنية خيراً من تلك في كلام شاعر أو خطيب، ولم يتحدث عن فضل التشبيه القرآني على غيره. واكثر التشبيهات التي أوردها تمثيلات. وإنما اكتفى بشرح كل استعارة أو تشبيه وبيان بلاغته درجة أو درجات فوق التعبير الحقيق. ولجأ إلى التعليل العام في قوله: " وظهور الإعجاز في الوجوه التي نبينها يكون باجتماع أمور يظهر بها للنفس أن الكلام من البلاغة في أعلى طبقة " (٣) ، وكأنه فاء إلى القول بان ليس هناك من تعليل واضح المعالم والسمات.

إن محاولة الرماني لم تتعد الاستعانة بالمصطلح البلاغي شيئاً كثيراً إلا في جانب التأثير النفسي ولذلك وقف عند الباب المغلق بقوله: " فأما دلالة التأليف فليس لها نهاية ولهذا صح التحدي فيها بالمعارضة لتظهر المعجزة، ولو قال قائل: قد انتهى تأليف الشعر حتى لا يمكن أحداً أن يأتي بقصيدة إلا وقد قيلت فيما قيل، لكان ذلك باطلاً، لأن دلالة التأليف ليس لها نهاية " (٤) ، وهذا أمر منوط بالتصور، وهو خطا كما يرى، إذ لابد من


(١) نفسه: ٨٩.
(٢) نفسه: ٧٣.
(٣) ص ٧٢.
(٤) ص ٩٩.

<<  <   >  >>