للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال: ويليه، ما ينفعه خير يؤول إلى شر؟ قلت له: هكذا قرأته على أبي عمرو؛ فقال لي: صدقت، وكذا قاله جرير، وكان قليل التنقيح مشرد الألفاظ، وما كان أبو عمرو ليقرئك غلا كما سمع، فقلت: فكيف كان يجب أن يقول، قال: الأجود له ولو قال:

فيا لك يوماً خيره دون شره ... فاورده هكذا، فقد كان الرواة قديماً تصلح من أشعار القدماء. فقلت: والله لا ارويه بعد هذا إلا هكذا (١) .

الخليل ومصطلح العروض البدوي

وكان الخليل بن احمد (٢) - حين وضع العروض - قد وضع في أيدي هؤلاء العلماء مصطلحاً للعيوب الشكلية، من إقواء وإسناد وإيطاء، ظل هو مفزعهم كلما أرادوا نقد الشعر من تلك الناحية. والشيء اللافت للنظر في مصطلح الخليل انه مستمد من " بيت الشعر " - بفتح الشين - وقد كان عمله من هذه الناحية يمثل وعياً دقيقاً وتكاملاً في النظرة العامة. يقول في وصفه لما صنع: " رتبت البيت من الشعر ترتيب البيت من بيوت الشعر - يريد الخباء - قال: فسميت الإقواء ما جاء من المرفوع في الشعر والمخفوض على قافية واحدة؟. وإنما سميته إقواء لتخالفه، لان العرب تقول: أقوى


(١) الموشح: ١٩٨ - ١٩٩.
(٢) للخليل في توجيه النقاد عمل آخر عدا المصطلح العروضي فهو الذي يقول: " الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاءوا، ويجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده، ومن تصريف اللفظ وتعقيده؟. فيحتج بهم ولا يحتج عليهم، ويصورون الباطل في صورة حق والحق في صورة الباطل " (منهاج البلغاء: ١٤٣) وقد وضع الخليل في هذا القول أسساً كثيرة اعتمدها النقاد من بعد، وتناولوها بالموافقة أو المخالفة.

<<  <   >  >>